السلام كلامه حتى صرّح به. وفي الباب السادس عشر من إنجيل متّى هكذا : «٦ وقال لهم يسوع انظروا تحرّزوا من خمير الفريسيين والصدوقيين. ففكّروا في أنفسهم أننا لم نأخذ خبزا ٨ فعلم يسوع وقال لهم : لما ذا تفكّرون في أنفسكم ، يا قليلي الإيمان؟ إنكم لم تأخذوا خبزا ١١ كيف لا تفهمون اني ما قلت لكم عن الخبز أن تتحرّزوا من خمير الفريسيين والصدوقيين ١٢ حينئذ فهموا أنه لم يقل أن يتحرّزوا من خمير الخبز بل من تعليم الفريسيين والصدوقيين». وهاهنا أيضا لم يفهم تلاميذ المسيح عليهالسلام مقصوده قبل التنبيه. وفي الباب الثامن من إنجيل لوقا في حال الصبية التي أحياها المسيح عليهالسلام بإذن الله هكذا : «٥٢ وكان الجميع يبكون عليها ويلطمون فقال : لا تبكوا لم تمت لكنها نائمة ٥٣ فضحكوا عليه عارفين أنها ماتت». وهاهنا لم يفهم الجميع مقصود المسيح عليهالسلام ، ولذلك ضحكوا عليه. وفي الباب التاسع من إنجيل لوقا قول المسيح في مخاطبة الحواريين هكذا : «٤٤ ضعوا أنتم هذا الكلام في آذانكم ان ابن الإنسان سوف يسلّم إلى أيدي الناس ٤٥ وأما هم فلم يفهموا هذا القول وكان مخفيّا عنهم لكيلا يفهموه ، وخافوا أن يسألوه عن هذا القول». وهاهنا لم يفهم الحواريون ، ولم يسألوه خوفا منه. وفي الباب الثامن عشر من إنجيل لوقا هكذا : «٣١ وأخذ الاثني عشر وقال لهم : ها نحن صاعدون إلى أورشليم ، وسيتمّ كل ما هو مكتوب بالأنبياء عن ابن الإنسان ٣٢ لأنه يسلّم إلى الأمم ويستهزأ به ويشتم ويتفل عليه ٣٣ ويجلدونه ويقتلونه وفي اليوم الثالث يقوم ٣٤ وأما هم فلم يفهموا من ذلك شيئا. وكان هذا الأمر مخفيّا عنهم ولم يعلموا ما قيل» وهاهنا أيضا لم يفهم الحواريون ، مع أن هذا التفهيم كان في المرة الثانية ، ولم يكن في الكلام إجمال أيضا بحسب الظاهر. لعلّ سبب عدم الفهم هو أنهم كانوا سمعوا من اليهود أن المسيح يكون سلطانا عظيم الشأن. فلما آمنوا بعيسى عليهالسلام وصدّقوه بالمسيحية ، فكانوا يظنون أنه سيجلس على سرير السلطنة ، ونحن أيضا نجلس على أسرّة السلطنة. لأن عيسى عليهالسلام كان وعدهم أنهم يجلسون على اثني عشر سريرا ويحكم كلّ منهم على فرقة من فرقة بني إسرائيل. وكانوا حملوا هذه السلطنة على السلطنة الدنياوية ، كما هو الظاهر ، وكان هذا الخبر مخالفا لما ظنوه ولما يرجونه ، فلذا لم يفهموا. وستعرف عن قريب أنهم كانوا يرجون هكذا. وأيضا قد شبّه على تلاميذ عيسى عليهالسلام من بعض الأقوال المسيحية أمران ولم يزل هذا الاشتباه من أكثرهم أو كلّهم إلى الموت : الأول : انهم كانوا يعتقدون أن يوحنّا لا يموت إلى القيامة. والثاني : انهم كانوا يعتقدون أن القيامة تقوم في عهدهم كما عرفت مفصّلا في الباب الأول ، وهذا الأمر يقيني أن ألفاظ عيسى عليهالسلام بعينها ليست بمحفوظة في إنجيل من الأناجيل ، بل في كل إنجيل توجد ترجمتها باليوناني على ما فهم الرّواة. وقد عرفت مفصّلا في الشاهد الثامن عشر من