ثلاثة أقانيم الأب والابن وروح القدس ، وأقنوم الابن تعلّق بجسمي بعلاقة فلانية ، أو بعلاقة فهمها خارج عن إدراك عقولكم ، فاعلموا أني أنا الله لا غير لأجل العلاقة المذكورة. أو يقول كلاما آخر مثله في إفادة هذا المعنى صراحة. وليس في أيدي أهل التثليث من أقواله إلّا بعض الأقوال المتشابهة. قال صاحب ميزان الحق في كتابه المسمّى بمفتاح الأسرار : «إن قلت لم لم يبيّن المسيح ألوهيّته ببيان أوضح مما ذكره ولم لم يقل واضحا ومختصرا إني أنا الله لا غير فأجاب أولا بجواب غير مقبول لا يتعلق غرضنا بنقله في هذا المحل. ثم أجاب ثانيا «بأنه ما كان أحد يقدر على فهم هذه العلاقة والوحدانية قبل قيامه ـ يعني من الأموات ـ وعروجه. فلو قال صراحة ، لفهموا أنه إله بحسب الجسم الإنساني. وهذا الأمر كان باطلا جزما. فدرك هذا المطلب أيضا من المطالب التي قال في حقّها لتلاميذه إن لي أمورا كثيرة أيضا لأقول لكم ، ولكن لا تستطيعون أن تحتملوا الآن. وأما متى جاء ذاك روح الحق فهو يرشدكم إلى جميع الحق لأنه لا يتكلم من نفسه بل كل ما يسمع يتكلم ويخبركم بأمور آتية» ثم قال : «إن كبار ملّة اليهود أرادوا مرارا أن يأخذوه ويرجموه ، والحال أنه ما كان بيّن ألوهيّته بين أيديهم إلّا على طريق الألغاز». فعلم من كلامه عذران : الأول : عدم قدرة فهم أحد قبل العروج. والثاني : خوف اليهود. وكلاهما ضعيفان في غاية الضعف. أما الأول فإنه كان هذا القدر يكفي لدفع الشّبهة أن علاقة الاتحاد التي بين جسمي وبين أقنوم الابن فهمها خارج عن وسعكم فاتركوا تفتيشها ، واعتقدوا بأني لست إلها باعتبار الجسم بل بعلاقة الاتحاد المذكور ، وأما نفس عدم القدرة على فهمها فباقية بعد العروج أيضا حتى لم يعلم عالم من علمائهم إلى هذا الحين كيفية هذه العلاقة الوحدانية. ومن قال ما قال ، فقوله رجم بالغيب لا يخلو عن مفسدة عظيمة. ولذا ترك علماء فرقة بروتستنت بيانها رأسا. وهذا القسّيس يعترف في مواضع من تصانيفه بأن هذا الأمر من الأسرار خارج عن درك العقل. أما الثاني فلأن المسيح عليهالسلام ما جاء عندهم إلّا لأجل أن يكون كفّارة لذنوب الخلق ويصلبه اليهود. وكان يعلم يقينا أنهم يصلبونه ، ومتى يصلبونه. فأيّ محل للخوف من اليهود في بيان العقيدة؟ والعجب أن خالق الأرض والسماء والقادر على ما يشاء يخاف من عبادة الذين هم من أذلّ أقوام الدنيا. ولا يبيّن لأجل خوفهم العقيدة التي هي مدار النجاة. وعبادة من الأنبياء مثل أرمياء وأشعياء ويحيى عليهمالسلام لا يخافون منهم في بيان الحق ، ويؤذون إيذاء شديدا ، ويقتل بعضهم. وأعجب منه أن المسيح عليهالسلام يخاف منهم في بيان هذه المسألة العظيمة ، ويشدّد عليهم في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر غاية التشديد حتى تصل النوبة إلى السبّ ، ويخاطب الكتبة والفريسيين مشافهة بهذه الألفاظ : ويل لكم أيها الكتبة والفريسيون المراءون ، وويل لكم أيها القادة العميان ، وأيها الجهّال العميان ، وأيها الفريسي الأعمى وأيها