مخدوش أيضا بوجهين : الأول : أنه وقع في المجلد الأول من تفسير هنري واسكات قول أكستاين هكذا : «إن اليهود قد حرّفوا النسخة العبرانية في بيان زمان الأكابر الذين كانوا قبل زمن الطوفان وبعدها إلى زمن موسى عليهالسلام ، وفعلوا هذا الأمر لتصير الترجمة اليونانية غير معتبرة ، ولعناد الدين المسيحي ويعلم أن القدماء المسيحيين كانوا يقولون مثله وكانوا يقولون إن اليهود حرّفوا التوراة في سنة مائة وثلاثين من الميلاد». انتهى. فعلم منه أن أكستاين والقدماء المسيحيين كانوا يعترفون بتحريف التوراة ، ويدعون أن هذا التحريف وقع في سنة مائة وثلاثين من الميلاد. فما نقل في التفسير يخالف ما نقله القسّيس النبيل. لكن التفسير المذكور في غاية الاعتبار عند علماء بروتستنت. فالقول الذي نقله القسّيس النبيل يكون مردودا غير مقبول ، إلّا أن يكون منقولا عن الكتاب الذي يكون معتبرا زائدا من التفسير المذكور فأطلب منه تصحيح النقل فعليه أن يبيّن أنه عن أيّ كتاب معتبر نقله. والثاني : أن المخالف والموافق يناديان من القرن الثاني أن التحريف قد وقع ومحقّقوهم يعترفون بوقوع الأقسام الثلاثة للتحريف في كثير من المواضع من كتب العهد العتيق والجديد ، كما ستعرف في الباب الثاني. فأيّ ظهور أزيد من هذا ولذلك قال صاحب الاستبشار معرضا ومتعجّبا : (لا يدرى أن انكشاف التحريف عبارة عن أيّ شيء عند القسّيسين لعلّه عبارة عن أن يؤخذ المحرّف في عدالة الإنكليز ويسجن بعلّة الجعل دائما). انتهى كلامه (١).
القول التاسع : في الصفحة ١٢١ : «كتب الإنجيل بواسطة الحواريين ، كما يظهر ويثبت هذا الأمر من الإنجيل نفسه والكتب القديمة المسيحية». ثم قال : «كتب الحواريون بالإلهام قول المسيح وتعليماته وحالاته». وهذا مردود بالوجوه التي ذكرتها في بيان القول الرابع والخامس من حلّ الإشكال ، وبأن من قرأ الأناجيل يحصل له اليقين أن قول القسّيس النبيل غير صحيح ، ولا يظهر منها أصلا أن الإنجيل الفلاني كتبه فلان الحواري بالإلهام باللسان اليوناني. نعم إنه يكون اسم الإنجيل مكتوبا على ناصية كل صفحة من هذه الأناجيل من طرف الطابعين والكاتبين. وهذا ليس بحجّة ولا دليل ، لأنهم كما يكتبون اسم الإنجيل ، فكذلك يكتبون لفظ القضاة وراعوث وأستير وأيوب على ناصية كل صفحة من كتاب القضاة
__________________
(١) إن هذا القسّيس في بيان استبعاد التحريف ، يبيّن الاحتمالات التي يفهمها الجاهل معتدّة بأنه يقول من حرّف ومتى حرّف ولما ذا حرّف والألفاظ المحرّفة ما ذا. فأخبرنا أسلافه ، شكر الله سعيهم ، في هذا الباب بأن المحرّفين للتوراة اليهود زمان التحريف سنة مائة وثلاثين من الميلاد. والباعث على التحريف عناد الدين المسيحي وجعل الترجمة اليونانية غير معتبرة. ومن بعض الألفاظ المحرّفة الألفاظ التي فيها بيان زمان الأكابر ولا يضرّ ادّعاؤهم شهادة المسيح في حق التوراة بعد تسليمها أيضا لأنهم يدّعون بعد مدة من عروج المسيح وليس هؤلاء ثلاثة أو أربعة بل هم الجمهور من القدماء المسيحيين.