وكتاب راعوث وكتاب أستير وكتاب أيوب. فكما أن الثاني لا يدلّ على أن هذه الكتب من تصنيف هؤلاء المنسوب إليهم ، فكذلك لا يدلّ الأول. فصدور أمثال هذه الإفادات عنه سبب التعجّب لعلماء الإسلام. ويصدر في بعض الأحيان بسبب ضيق الصدر عن قلم البعض لفظ لا يناسب شأنه ، كما قال صاحب الاستبشار في هذا الموضع بعد ما ردّ قوله : «ما رأينا قسّيسا من القسّيسين كاذبا غير مبال بالقول الكذب مثل القسّيس فندر». انتهى. ولمّا كان نقل أقواله مفضيا إلى التطويل المملّ ، فالأولى أن أتركه وأكتفي على هذا القدر.
وإذ نبّهت على هذه العادة فاستحسن أن أنبّه أيضا على العادتين الأخريين لتحصل للناظر بصيرة.
فمن عاداته أيضا أنه يأخذ الكلمات التي تصدر عن قلم المخالف بمقتضى البشرية في حقه أو في حق أهل مذهبه ، ولا تكون مناسبة لمنصبه أو لمنصب أهل ملّته في زعمه ، فيشكر عليها ويجعل الخردلة جبلا ولا يلتفت إلى ما يصدر عن قلمه في حق المخالف. وإني متحيّر لا أعلم أن سببه ما ذا. أيفهم أن أية كلمة ، قبيحة كانت أو حسنة ، إذا صدرت عن لسانه أو قلمه تكون حسنة وفي محلها؟ وإذا صدر مثلها عن المخالف يكون قبيحا وفي غير محله؟ وأنقل بعض أقواله. قال القسّيس النبيل في حق الفاضل هادي علي مصنّف كشف الأستار الذي هو ردّ مفتاح الأسرار في الصفحة الأولى من حلّ الإشكال : إنه يصدق في حق هذا المصنّف قول بولس ، ثم نقل قوله. وفي هذا القول وقعت هذه الجملة أيضا (إله هذا الدهر قد أعمى أذهان الكافرين) فأطلق عليه لفظ الكافر. وفي الصفحة ٢ : (غمض المصنّف لأجل التعصّب قصدا عين الإنصاف). وفي الصفحة الثالثة : (كان مقصوده ومطلبه النزاع البحت والتعصّب الصرف). وفي الصفحة الرابعة : (الكتاب كله مملوء من الاعتراضات الباطلة والدعاوى المهملة والمطاعن غير المناسبة). ثم قال في الصفحة المذكورة : (الكتاب المذكور مملوء من الخلاف والباطل). وفي الصفحة ١٩ : (ظن المصنّف لأجل التكبّر). وفي الصفحة ٢٤ : (هذا تكبّر محض وكفر رحمهالله الرحمن الرحيم وأخرجه عن شبكة غواية الفهم). وفي الصفحة ٢٥ : (هذا ليس دليل قلّة علمه وجهله فقط ، بل هو دليل سوء فهمه وتعصّبه أيضا). ثم قال في تلك الصفحة : (الظاهر أنّ التكبّر والتعصّب جعل المصنّف مسلوب الفهم وغمّضا عين عقله وعدله). وفي الصفحة ٣٨ : (ومع قطع النظر عن المقالات الباطلة الأخرى قال هذا). أيضا وفي الصفحة ٤٢ : (ينزل منظرته الحمراء). ثم قال في تلك الصفحة : (وهذا القول كله باطل وعاطل). وفي الصفحة ٥٠ : (هذا عين التكبّر والكفر). ثم قال في تلك الصفحة : (امتلأ قلب المصنّف من التكبّر والعجب هكذا). ثم قال في تلك الصفحة : (هذا عين الجهل وانتهاء التكبّر). وفي الصفحة ٥٥ : (هذا يدلّ على عدم اطّلاعه