محتاجا ، فكان ممكنا ، فكان مفتقرا إلى المؤثّر ، وذلك محال. وإذا ثبت بطلان جميع التقادير امتنع إثباته. وأما ثانيا : فلأنّا لو قطعنا النظر عن معنى الحلول نقول : إن أقنوم الابن ، لو حلّ في الجسم ، فلذلك الحلول إما أن يكون على سبيل الوجوب ، أو على سبيل الجواز. ولا سبيل إلى الأول ، لأن ذاته إما أن تكون كافية في اقتضاء هذا الحلول ، أو لا تكون كافية في ذلك. فإن كان الأول استحال توقّف ذلك الاقتضاء على حصول شرط ، فيلزم إما حدوث الله ، أو قدم المحل ، وكلاهما باطلان. وإن كان الثاني ، كان كونه مقتضيا لذلك الحلول أمرا زائدا على ذاته ، حادثا فيه ، فيلزم من حدوث الحلول حدوث شيء فيه ، فيكون قابلا للحوادث. وذلك محال ، لأنه لو كان كذلك لكانت تلك القابلية من لوازم ذاته ، وكانت حاصلة أزلا. وذلك محال لأن وجود الحوادث في الأزل محال. ولا سبيل إلى الثاني لأنه على هذا التقدير يكون ذلك الحلول زائدا على ذات الأقنوم ، فإذا حلّ في الجسم وجب أن يحلّ فيه صفة محدثة ، وحلولها يستلزم كونه قابلا للحوادث ، وهو باطل كما عرفت. وأما ثالثا : فلأن أقنوم الابن إذا حلّ في اسم عيسى عليهالسلام فلا يخلو إما أن يكون باقيا في ذات الله أيضا أو لا. فإن كان الأول لزم أن يوجد الحال الشخصي في محلين. وإن كان الثاني لزم أن يكون ذات الله خالية عنه فينتفي ، لأن انتفاء الجزء يستلزم انتفاء الكل. وإن كان ذلك الاتحاد بدون الحلول ، فنقول إن أقنوم الابن إذا اتّحد بالمسيح عليهالسلام فهما في حال الاتحاد : إن كانا موجودين فهما اثنان لا واحد ، فلا اتحاد ، وإن عدما وحصل ثالث ، فهو أيضا لا يكون اتحادا بل عدم الشيئين وحصول شيء ثالث ، وإن بقي أحدهما وعدم الآخر فالمعدوم يستحيل أن يتّحد بالموجود ، لأنه يستحيل أن يقال المعدوم بعينه هو الموجود. فظهر أن الاتحاد محال. ومن قال إن الاتحاد على وجهة الظهور ، كظهور كتابة الخاتم إذا وقع على طين أو شمع أو كظهور صورة الإنسان في المرآة ، فقوله لا يثبت الاتحاد الحقيقي ، بل يثبت التغاير ، لأنه كما أن كتابة الخاتم الظاهرة على طين أو شمع غير الخاتم وصورة الإنسان في المرآة غير الإنسان ، فكذلك يكون أقنوم الابن غير المسيح عليهالسلام ، بل غاية ما يلزم أن يكون ظهور أثر صفة الأقنوم فيه أكثر من ظهوره في غيره ، كما أن ظهور تأثير شعاع الشمس في بدخشان في بعض الأحجار التي تتولّد منها الجواهر المعروفة أزيد من تأثيره في الأحجار التي هي غير تلك الأحجار ولنعم ما قيل :
محال لا يساويه محال |
|
وقول في الحقيقة لا يقال |
وفكر كاذب وحديث زور |
|
بدا منهم ومنشؤه الخيال |
تعالى الله ما قالوه كفر |
|
وذنب في العواقب لا يقال |
البرهان السابع : فرقة بروتستنت تردّ على فرقة كاتلك في استحالة الخبز إلى المسيح