كان يكون رسوله أو عبده أو تلميذه أو قريبا من أقربائه. فالأمر المنسوب إلى الأدنى من التعظيم والتحقير والمحبة وغيرها ينسب إلى الأعلى مجازا. ولذلك قال المسيح عليهالسلام في حق الحواريين «من يقبلكم يقبلني ومن يقبلني يقبل الذي أرسلني» ، كما وقع في الآية الأربعين من الباب العاشر من إنجيل متّى. وقال في حق الولد الصغير «من قبل هذا الولد باسمي يقبلني ومن قبلني يقبل الذي أرسلني» كما هو مصرّح في الآية الثامنة والأربعين من الباب التاسع من إنجيل لوقا. وقال في حق السبعين الذين أرسلهم اثنين اثنين إلى البلاد «الذي يسمع منكم يسمع مني والذي يرذلكم يرذلني والذي يرذلني يرذل الذي أرسلني» كما هو مصرّح في الآية السادسة عشر من الباب العاشر من إنجيل لوقا. وهكذا وقع في حق أصحاب اليمين وأصحاب الشمال في الباب الخامس والعشرين من إنجيل متّى. ولذلك قال الله على لسان أرمياء «أكلني ابتلعني بختنصر ملك بابل وجعلني كإناء فارغ كتنين ملأ بطنه من رخصتي وطردني» كما هو مصرّح في الباب الحادي والخمسين من كتاب أرمياء. ومثل هذا وقع في القرآن المجيد أيضا : (إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللهَ يَدُ اللهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ ...) [الفتح : ١٠] وقال مولانا المعنوي قدسسره في مثنويه :
گر تو خواهى همنشينى با خدا |
|
رو نشين تو در حضور أوليا |
فمعرفة المسيح بهذا الاعتبار بمنزلة معرفة الله. وأما حلول الغير في الله ، أو حلول الله فيه ، وكذا حلول الغير في المسيح ، أو حلول المسيح فيه ، فعبارة عن إطاعة أمرهما. في الباب الثالث من الرسالة الأولى ليوحنا هكذا : «من يحفظ وصاياه يثبت فيه وهو فيه وبهذا نعرف أنه يثبت فينا من الروح الذي أعطانا». وقد يتمسكون على ألوهيته ببعض حالاته فيستدلون تارة أنه ولد بلا أب. وهذا الاستدلال ضعيف جدا ، لأن العالم حادث بأسره ، وما مضى على حدوثه إلى هذا الزمان ستة آلاف سنة على زعمهم. وكل مخلوق من السماء والأرض والجماد والنبات والحيوان وآدم خلق عندهم في أسبوع واحد ، فجميع الحيوانات مخلوقة بلا أب وأم. فكل من هذه يشارك المسيح في كونه مخلوقا بلا أب ، ويفوق عليه في كونه بلا أمّ. وتتولد أصناف من الحشرات في كل سنة في موسم نزول المطر بلا أب وأم ، فكيف يكون هذا الأمر سببا للألوهية؟ ولو نظرنا إلى نوع الإنسان فآدم عليهالسلام يفوق عليه ، وكذلك ملكي صادوق الكاهن الذي هو معاصر إبراهيم عليهالسلام. في الآية الثالثة من الباب السابع من الرسالة العبرانية حاله هكذا : «بلا أب بلا أم بلا نسب لا بداية أيام له ولا نهاية حياة». فيفوق المسيح في كونه بلا أم ، وفي كونه لا بداية له. ويستدلون تارة بمعجزاته. وهذا أيضا ضعيف ، لأن من أعظم معجزاته إحياء الموتى. فمع قطع النظر عن ثبوته وعن أنه يفهم