إن إله الدهر قد أعمى قلوب الكافرين ، وهو غمض عين الإنصاف قصدا لأجل التعصّب. وكان مقصوده ومطلبه النزاع البحت والتعصّب ، والظن لأجل التكبّر. والظاهر أن التكبّر والتعصّب جعلاه مسلوب الفهم ، وغمّضا عين عقله وعدله. ومع قطع النظر عن المقالات الباطلة الأخرى قال هذا أيضا. امتلأ قلبه من التكبّر والتعصّب هكذا ، وهو في الفهم أنقص من الوثني ، وفي الكفر أزيد من اليهود ، ويكتب من غاية عدم المبالاة والكفر ، والإنصاف والإيمان كلاهما غائبان عن قلبه ، وداخل في زمرة الدهريين وفار. وكذا لو صدر في حق كتابه ميزان الحق لأجل اشتماله على المغالطات الصّرفة والسفسطيات المحضة والدعاوي الغير الصحيحة والبراهين الضعيفة ، هكذا ان كل مملوء من الاعتراضات الباطلة ومملوء من الخلاف والباطل والدعاوى المهملة والمطاعن الغير المناسبة. وكذا لو صدر في حق تقريره الذي صدر عنه في حق النبيّ صلىاللهعليهوسلم أو القرآن أو الحديث ، إن هذا تكبّر محض وكفر. رحمهالله وأخرجه عن شبكة غواية الفهم ، وهذا ليس دليل قلّة علمه وجهله فقط ، بل هو دليل سوء فهمه وتعصّبه أيضا. وهذا كله باطل وعاطل ، وهذا عين التكبّر والكفر ، وهذا عين الجهل وانتهاء التكبّر ، وهذا يدلّ على عدم اطّلاعه رأسا وتعصّبه ، وساقط عن الاعتبار وباطل محض ، وعاطل ، وانتهاء التعصّب والكفر ، وغير مقبول محض وحيلة وحوالة ، فالتفوّه بهذه الأقوال ، أيجوز لهذا العالم في زعم القسّيس النبيل أم لا؟ فإن جاز فلا بدّ أن لا يشكو هذا القسّيس على أمثال هذه الألفاظ ، وإن لم يجز فكيف يتفوّه بها؟ والعجب كل العجب من إنصافه ، أن يكون هو معذورا في تحريرها ، ويكون العالم الإسلامي ملوما غير معذور. فالمرجو منه أن يعلم أن العالم الذي يصدر عن قلمه لفظ بالنسبة إليه أو إلى علمائه في موضع يكون مقتضى الكلام ، ليس مقصوده إيذاءه أو إيذاء أهل ملّته ، بل سببه إظهار ما هو الحق عند هذا العالم ، أو جزاء لقوله أو لقول علمائه ، كما قيل : كلّ يحصد ما زرع ، ويجزى بما صنع.
كما أنّه من عاداته أنه يترجم الآيات القرآنية ويفسّرها تارة على رأيه ليعترض عليها في زعمه ، ويدّعي أن التفسير الصحيح والترجمة الصحيحة ما ترجمت به وما فسّرت به ، لا ما صدر عن علماء الإسلام ومفسّري القرآن ، ويبيّن كماله على العوّام. بعض قواعد التفسير مثلا بيّن في الصفحة ٢٣٧ و ٢٣٨ في الفصل الثالث من الباب الثالث من ميزان الحق المطبوع سنة ١٨٤٩ باللسان الفارسي وفي الصفحة ٥١ في الباب الرابع من حلّ الإشكال المطبوع سنة ١٨٤٧. وأنقل هاهنا قاعدتين منها لتعلّق الحاجة بهما ، فأقول : قال هذا النبيل : «لا بدّ للمفسّر أن يفهم مطلب الكتاب كما كان في ضمير المصنّف ، فلا بدّ لمن طالع أو فسّر أن يكون واقفا على حالات أيام المصنّف وعادة طائفة تربّى المصنّف فيها وعلى مذهبهم ، وأن يكون واقفا على صفات المصنّف وأحواله أيضا ، لا أن يبادر بمجرّد معرفة اللسان على