ترجمة الكتاب وتفسيره. وثانيا لا بدّ أن يتوجّه إلى تسلسل المطالب ، ولا يفسد علاقة الأقوال السابقة واللّاحقة. وإذا فسّر مطلبا فلا بدّ أن يلاحظ معه كل مقام له مناسبة ومطابقة بهذا المطلب ثم يفسّر». انتهى. والحال أنه لا معرفة له بلسان العرب معرفة معتدّا بها ، فضلا عن الأمور الأخر ، ولا يتوجّه إلى تسلسل المطالب ، ويفسد علاقة الأقوال السابقة واللّاحقة كما سيظهر عن قريب. فمثل هذا الادّعاء يحمل على أيّ شيء ، فلو قلت في حقّه في هذا الباب كما قال هو في حقّ الفاضل هادي علي إن التكبّر والجهل جعلاه مسلوب الفهم وغمّضا عين عقله وعدله ، أو قلت هذا عين الجهل والتكبّر ، لكنت مصيبا ومظهرا للحق. لكن أمثال هذه الألفاظ ، لمّا كانت غير ملائمة ، لا أتفوّه بها في حقه أبدا ، وإن تفوّه هو بها وبأمثالها في حق علماء الإسلام.
أقول : ادّعى هذا القسّيس النبيل في آخر الفصل الثالث من الباب الثالث من ميزان الحق هكذا : «من تجنّب عن الاعتساف وسلك مسلك الإنصاف ولاحظ معاني الآيات القرآنية ، علم أن معانيها على التفسير الصحيح الموافق لقانونه ما ترجمت وفسّرت». انتهى. وإذا عرفت ادّعاءه فأذكر ثلاثة شواهد على وفق عدد التثليث يظهر منها حال صلوحه لأمثال هذه الدعوى :
الشاهد الأول : إن القسّيس قام في الجلسة الثانية من المناظرة التي وقعت بيني وبينه فأخذ ميزان الحق وشرع في قراءة بعض الآيات القرآنية التي نقلها في الفصل الأول من الباب الأول ، وكانت هذه الآيات مكتوبة بالخط الحسن ومعربة بالإعراب. فكان يغلط في الألفاظ فضلا عن الإعراب. وثقل هذا الأمر على المسلمين ، فأصبر قاضي القضاة محمد أسد الله ، فقال للقسّيس النبيل : اكتفوا على الترجمة واتركوا الألفاظ لأن المعاني تتبدّل بتبدّل الألفاظ. فقال القسّيس النبيل : سامحونا إن هذا من قصور لساننا. هذا حاله في معرفة اللسان بحسب التقرير.
الشاهد الثاني : كتب القسّيس إظهارا لفضله وإخبارا عن معرفته بلسان العرب في آخر ميزان الحق الفارسي المطبوع سنة ١٨٤٩ ، وفي آخر ميزان الحق الذي هو في لسان أردو وطبع سنة ١٨٥٠ هكذا : «تمّت هذه الرسالة في سنة ثمانية ثمانمائة ثلاثون والثلاث بعد الألف مسيحي وبالمطابق مائتان وأربعين ثمانية بعد الألف هجري». وفي آخر مفتاح الأسرار الفارسي المطبوع سنة ١٨٥٠ هكذا : «تمّت هذه الأوراق في سنة ثمانية ثمانمائة وثلاثون السابعة بعد الألف مسيحي وفي سنة مائتان اثنا وخمسين بعد الألف من هجرة المحمدية». وفي النسخة التي هي في لسان أردو هذه العبارة بعينها أيضا. غير أن لفظ الهجرة في النسخة