الفارسية بدون الألف واللام ، وفي هذه النسخة بهما. ولعلّ سببه أنه لمّا كان توجّه إلى النسخة الفارسية أكثر فتصحيحه فيها أبلغ ، وثبت عنده بتحقيقه الكامل الذي هو مختص به أنه لا يجوز أن يكون الموصوف والصفة كلاهما معرّفين باللّام فأسقط الألف واللّام من الموصوف ، فهذا حاله في التحرير.
الشاهد الثالث : نقل في مفتاح الأسرار القديم المطبوع سنة ١٨٤٣ في الصفحة الرابعة أولا هذه الآية من سورة التحريم [١٢] : (وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَها فَنَفَخْنا فِيهِ مِنْ رُوحِنا) ، وقوله تعالى في سورة النساء [١٧١] : (إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقاها إِلى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ) ، قال : «إذا كان المسيح روح الله بحكم هاتين الآيتين فلا بدّ أن يكون في مرتبة الألوهية ، لأن روح الله لا يكون أقلّ من الله. لكن بعض المحمّديين يقولون : إن لفظ الروح الذي جاء في هاتين الآيتين المراد به جبريل الملك إلّا أن هذا القول منشؤه العداوة فقط ، لأن ضمير لفظ منه الذي في الآية الثانية والضمير المتصل في لفظ روحنا الذي في الآية الأولى على حكم قاعدة الصّرف لا يرجعان إلى الملك بل إلى الله». انتهى كلامه. أقول : هذا مخدوش بوجوه :
الأول : إنّا نرجو أن نستفيد منه أن أية قاعدة صرفية تحكم أن الضميرين لا يرجعان إلى الملك بل إلى الله. ما رأينا قاعدة من قواعد هذا العلم يكون حكمها ما ذكر. فظهر أنه لا يعرف أن علم الصرف أيّ علم ويبحث فيه عن أيّ أمر ، بل سمع اسم هذا العلم ، فكتب هاهنا ليعتقد الجاهل أنه يعرف علوم العربية.
الثاني : إنه ما قال أحد من علماء الإسلام المعتبرين بأن المراد بلفظ الروح في قوله تعالى : (وَرُوحٌ مِنْهُ) جبريل فهذا بهتان منشؤه العداوة.
الثالث : إن آية سورة النساء [١٧١] هكذا (يا أَهْلَ الْكِتابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلا تَقُولُوا عَلَى اللهِ إِلَّا الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقاها إِلى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآمِنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ وَلا تَقُولُوا ثَلاثَةٌ انْتَهُوا خَيْراً لَكُمْ إِنَّمَا اللهُ إِلهٌ واحِدٌ سُبْحانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَكَفى بِاللهِ وَكِيلاً) ففي هذه الآية وقع قبل لفظ «روح منه» هذا القول : (يا أَهْلَ الْكِتابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلا تَقُولُوا عَلَى اللهِ إِلَّا الْحَقَّ) وهذا القول يشنّع على المسيحيين في غلو اعتقادهم في حق المسيح عليهالسلام. ووقع بعد اللفظ المذكور هذا القول : (وَلا تَقُولُوا ثَلاثَةٌ انْتَهُوا خَيْراً لَكُمْ إِنَّمَا اللهُ إِلهٌ واحِدٌ سُبْحانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ) وهذا القول يلومهم في اعتقاد التثليث واعتقاد كون المسيح ابن