الكتب. واخترعت هذه العقيدة في الأجيال المتأخرة ، وإلا لما قدر اكستاين وفم الذهب وغيرهما من القدماء ، الذين لم يكونوا باباوات ولم يستأذنوهم ، أن يفسروا جميع الكتب المقدسة من تلقاء أنفسهم ، وتفاسيرهم قبلت عند جميع كنائس عصرهم. لعلّ الباباوات حصل لهم هذا القضاء الأعلى بمطالعة تفاسيرهم بعد ما صنفوها. / ١٧ / ان الأساقفة والشمامسة ممنوعون من الزواج ، ولذلك يفعلون ما لا يفعله المتزوجون ، وقاوم في كثير من الأحيان بعض معلميهم اجتهاد الباباوات. فأنقل بعض أقوالهم عن كتاب الثلاث عشرة رسالة في الرسالة الثالثة في الصفحة ١٤٤ و ١٤٥ : «القديس برنردوس يقول ـ وعظ عدد ٦٦ في نشيد الانشاد ـ نزعوا من الكنيسة الزواج المكرم والمضجع الذي هو بلا دنس ، فملئوها بالزنا في المضاجع مع الذكور والأمهات والأخوات وبكل أنواع الأدناس. والفاروس بيلاجيوس أسقف سلفا في بلاد البورتكال سنة ١٣٠٠ يقول : يا ليت أن الأكليروسيين لم يكونوا نذروا العفة ، ولا سيما اكليروس سبانيا ، لأن أبناء الرعية هناك أكثر عددا بيسير من أبناء الكهنوت.
ويوحنا أسقف سالتزبرج في الجيل الخامس عشر كتب أنه وجد قسوسا قلائل غير معتادين على نجاسة متكاثرة مع النساء ، وإن أديرة الراهبات متدنسة مثل البيوت المخصوصة للزنا». انتهى كلامه بلفظه ملخصا. وكيف يعتقد أن العصمة في حقهم إذا كانوا شابين شاربي الخمر؟ وما نجا روبيل بن يعقوب عليهالسلام فزنى ببلهاء سرية أبية ، ولا يهوذا بن يعقوب عليهالسلام فزنى بزوجة ابنه ، ولا داود عليهالسلام فزنى بزوجة أوريا مع كونه ذا زوجات كثيرة ، ولا لوط عليهالسلام فزنى في حالة خمار الخمر بابنتيه وهكذا. فإذا كان حال الأنبياء وأبنائهم على عقائدهم هكذا ، فكيف يرجى منهم العصمة؟ بل الحق أن الفاروس بيلاجيوس ويوحنا صادقان في أن أبناء الرعية هناك أكثر عددا بيسير من أبناء الكهنوت ، وأن أديرة الراهبات متدنسة مثل البيوت المخصوصة للزنا.
وأمثال هذه المسائل كثيرة أطوي الكشح عن بيانها خوفا من التطويل فأقول :
لعلّ هذه المضامين العالية التي نقلتها وأمثالها لو وجدوها في القرآن لاعترفوا بأنه كلام الله وقبلوه ، لكنهم لما وجدوه خاليا عنها وعن أمثالها فكيف يعترفون ويقبلون؟ لأن المضامين الحسنة المألوفة عندهم هي هذه المضامين وأمثالها ، لا المضامين التي ذكرت في القرآن. وأما بعض المضامين التي توجد في القرآن في ذكر الجنة والنار وغيرهما ويزعمون أنها قبيحة فأذكرها إن شاء الله تعالى في الشّبهة الثالثة بأجوبتها فانتظر.
الشّبهة الثانية : ان القرآن مخالف لكتب العهد العتيق والجديد في مواضع فلا يكون كلام الله. والجواب الأول : ان هذه الكتب لما لم تثبت أسانيدها المتصلة إلى مصنفيها ،