مرقس ، والآية الثامنة من الباب الخامس من الرسالة الأولى لبطرس ، وغيرها من الآيات. الشاهد الحادي عشر : الآية الثامنة عشر من الزبور المائة والرابع على وفق الترجمة العربية ، ومن الزبور المائة والخامس على وفق التراجم الأخر هكذا : «وذلّت بالقيود رجلاه ، وبالحديد عبرت نفسه» وحال كون يوسف مسجونا مذكور في الباب التاسع والثلاثين من سفر التكوين ، وليس (ذلت رجليه بالقيود) و (عبرت نفسه بالحديد) مذكورين فيه. ولا يلزم هذان الأمران للمسجون وإن كانا غالبين. الشاهد الثاني عشر : في الآية الرابعة من الباب الثاني عشر من كتاب هوشع هكذا : «وغلب الملاك وتقوى وبكى وسأله» إلخ. وحال مصارعة الملك يعقوب مذكور في الباب الثاني والثلاثين من سفر التكوين ولا يوجد فيه بكاء يعقوب. الشاهد الثالث عشر يوجد في الإنجيل ذكر الجنة والجحيم والقيامة وجزاء الأعمال فيها ، وإن كان بالإجمال. ولا أثر لهذا في الكتب الخمسة لموسى ، بل لا يوجد فيها سوى المواعيد الدنيوية للمطيعين ، والتهديدات الدنيوية للعاصين.
وهكذا يوجد مواضع كثيرة. فظهر مما ذكرنا أنه إذا ذكر بعض الأحوال في كتاب ولا يوجد ذكره في الكتاب المتقدم ، لا يلزم منه تكذيب الكتاب المتأخر ، وإلا يلزم أن يكون الإنجيل كاذبا لاشتماله على الحالات التي لم تذكر في التوراة ولا في كتاب آخر من كتب العهد العتيق. فالحق أن الكتاب المتقدم لا يلزم أن يكون مشتملا على الحالات كلها. ألا ترى أن أسماء جميع أولاد آدم وشيث وأنوس وغيرهم ، وكذا أحوالهم ليست مذكورة في التوراة؟ وفي تفسير دوالي رجرد مينت ذيل شرح الآية الخامسة والعشرين من الباب الرابع عشر من سفر الملوك الثاني هكذا : «لا يوجد ذكر هذا الرسول يونس إلا في هذه الآية وفي البلاغ المشهور الذي كان إلى أهل نينوى ، ولا يوجد في كتاب من الكتب إخباراته عن الحوادث الآتية التي جرأ بها يوربعام السلطان على محاربة سلاطين السريا ، وسببه ليس منحصرا في أن الكتب الكثيرة للأنبياء لا توجد عندنا ، بل سببه هذا أيضا أن الأنبياء لم يكتبوا كثيرا من أخبارهم عن الحوادث الآتية». انتهى. فهذا القول يدل صراحة على ما قلت. والآية الثلاثون من الباب العشرين من إنجيل يوحنا هكذا : «وآيات أخر كثيرة صنع يسوع قدام تلاميذه لم تكتب في هذا الكتاب» والآية الخامسة والعشرين من الباب الحادي والعشرين من إنجيل يوحنا هكذا : «وأشياء أخر كثيرة صنعها يسوع إن كتبت واحدة واحدة فلست أظن أن العالم نفسه يسع الكتب المكتوبة». وهذا الكلام ، وإن لم يخل عن المبالغة الشاعرية لكنه لا شك أنه يفيد أن جميع حالات عيسى عليهالسلام ما كتبت. فالطاعن باعتبار النوع الثاني على القرآن حاله كحال الطاعن باعتبار النوع الأول بلا تفاوت.