الكاهن إلا امرأة عذراء ، ولا يتزوج أرملة ولا مطلقة ولا منجسة بالزنا ولا يتزوج من هؤلاء البتة ، بل يتزوج عذراء من قومه». وفي الباب الخامس من إنجيل متّى هكذا : «كل من ينظر إلى امرأة ليشتهيها فقد زنى بها في قلبه». فكيف أمر الله نبيّه بما ذكر؟ وهكذا استبعادات أخر. فمن شاء فليرجع إلى كتب أبناء صنفهم.
الشّبهة الرابعة : الأحاديث الكثيرة مخالفة للقرآن ، لأنه وقع في القرآن أن محمدا صلىاللهعليهوسلم ما ظهر منه معجزة. وفي الأحاديث أنه صدر منه معجزات كثيرة ، وأنه وقع في القرآن أن محمدا صلىاللهعليهوسلم كان مذنبا ، وفي أكثر الأحاديث أنه كان معصوما. وأنه وقع في القرآن أن محمدا صلىاللهعليهوسلم كان في الابتداء في الجهل والضلالة كقوله في سورة الضحى : (وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدى) [الضحى : ٧]. وكقوله في سورة الشورى : (ما كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ وَلَا الْإِيمانُ وَلكِنْ جَعَلْناهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشاءُ مِنْ عِبادِنا) [٥٢]. وفي الأحاديث أنه تولد في الإيمان ، ولذلك ظهرت منه معجزات كثيرة. هذا غاية جهدهم في إثبات المخالفة بين القرآن والأحاديث.
والجواب : ان الأمرين الأولين لما كانا من أعظم مطاعن النبيّ صلىاللهعليهوسلم ، أردت أن أتعرض لهما في الباب السادس في المطاعن وأجيب عنهما هناك فانتظر. والجواب عن الثالث ، ان الضال في الآية الأولى ليس المراد به الضال عن الإيمان ليكون بمعنى الكافر ، فيردّ اعتراضهم. بل في تفسير هذه الآية وجوه : الأول : ما روي مرفوعا أنه عليه الصلاة والسلام قال : ضللت عن جدي عبد المطلب وأنا صبي ضائع وكاد الجوع يقتلني فهداني الله. والثاني : ان معناها : وجدك ضالا عن شريعتك ، أي لا تعرفها إلا بإلهام أو وحي ، فهداك إليها تارة بالوحي الجلي وأخرى بالخفي. وهو مختار البيضاوي والكشاف والجلالين. في البيضاوي : ووجدك ضالا عن علم الحكم والأحكام ، فهدى ، فعلّمك بالوحي والإلهام والتوفيق للنظر. وجاء بهذا المعنى في حق موسى عليهالسلام أيضا في قوله تعالى : (فَعَلْتُها إِذاً وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ) [الشعراء : ٢٠]. والثالث : انه يقال ضلّ الماء في اللبن ، إذا صار مغمورا. فمعنى الآية : كنت مغمورا بين الكفار بمكة فقوّاك الله تعالى حتى أظهرت دينه. وجاء بهذا المعنى في قوله تعالى : (أَإِذا ضَلَلْنا فِي الْأَرْضِ أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ) [السجدة : ١٠]. والرابع : ان معناها : كنت ضالا عن النبوّة ما كنت تطمع فيها ولا خطر شيء في قلبك منها. فإن اليهود والنصارى كانوا يزعمون أن النبوّة في بني إسرائيل فهديتك إلى النبوّة التي ما كنت تطمع فيها البتة. والخامس : ان معناها : وجدك ضالا عن الهجرة لعدم نزول الإذن فهداك بالإذن. والسادس : ان العرب تسمي الشجرة في الفلاة ضالة كأنه تعالى