يحملون إثم الآباء إلى جيل واحد فضلا عن أربعة أجيال ، وهذا الحمل لو كان إلى أربعة أجيال فقط كان مغتنما. لكن الإله الأب نقض هذا الحكم أيضا ، وأمر بحمل إثم الآباء على الأبناء بعد أجيال كثيرة. أيضا في الباب الخامس عشر من سفر صموئيل الأول هكذا : «هكذا يقول الرب الصباووت إني ذكرت كل ما صنع عماليق بإسرائيل أنه قاومه في الطريق حيث صعدوا من مصر. فالآن اذهب فاضرب عماليق وأهلك جميع ما لهم ولا ترحمهم ولا ترغب من مالهم شيئا ، بل اقتل من الرجال والنساء والعلماء حتى الأطفال والبقر والغنم والإبل والحمير أيضا». فانظروا أنه ذكر بقوّة حافظته بعد أربعمائة سنة ما صنع عماليق بإسرائيل ، فأمر بعد هذه المدة بالانتقام من أولادهم وقتل رجالهم ونسائهم وأطفالهم الصغار جدا ومواشيهم من البقر والغنم والحمير. ولما لم يعمل شاول على أمره الشريف ندم على جعله ملكا وترقى ابنه الوحيد الإله الثاني فأمر بحمل إثم الآباء على الأبناء بعد أربعة آلاف سنة. في الباب الثالث والعشرين من إنجيل متّى قول هذا الإله الثاني في خطاب اليهود هكذا : «يأتي عليكم كل دم زكي سفك على الأرض من دم هابيل الصديق إلى دم زكريا بن برخيا الذي قتلتموه بين الهيكل والمذبح. الحق أقول لكم ان هذا كله يأتي على هذا الجبل». ثم ترقى الأب الإله الأول وتخيل أن إثم آدم محمول على أولاده إلى هذه المدة ، وقد مضت أزيد من أربعة آلاف وثلاثين سنة ، وقد مضى من آدم إلى يسوع خمس وسبعون جيلا ، على ما صرّح به لوقا في الباب الثالث من إنجيله ، ورأى أن أولاد آدم كلهم مستحقون للنار لو لم تكن الكفارة كاملة جيدة ، وما رأى غير ابنه الإله الثاني حريا بها بأن يصلب من أيدي أرذل أقوام الدنيا ـ وهم اليهود ـ وما ظهر له طريق النجاة غير هذا. فأمره أن يصلب وتركه ولم يغثه من شدته ، حتى صرخ لأجل شدّة العذاب ، ونادى الأب قائلا : إلهي إلهي لما ذا تركتني؟ ثم صرخ ثانيا ومات. وبعد موته صار ملعونا ودخل الجحيم ، والعياذ بالله. على أنه لم يثبت من كتاب من كتب العهد العتيق أن زكريا بن برخيا قتل بين الهيكل والمذبح. نعم صرّح في الباب الرابع والعشرين من سفر الأيام الثاني أن زكريا بن يهوياداع الحبر قتل في صحن بيت الرب في عهد بواش الملك ، ثم عبيد الملك قتلوه بانتقام دم زكريا. فحرّف الإنجيل يهوياداع ببرخيا ، ولعلّ لوقا لأجل ذلك اكتفى في الباب الحادي عشر من إنجيله على اسم زكريا ولم يذكر اسم أبيه. فانظروا إلى هذه الأمور التسعة كيف يثبت منها رحمة الله تعالى.
١٠ ـ في الآية الخامسة من الزبور الثلاثين هكذا : «ان غضبه لحظة». وفي الآية الثالثة عشر من الباب الثاني والثلاثين من سفر العدد هكذا : «فاشتد غضب الرب على بني إسرائيل فأتاهم في القفار أربعين سنة حتى باد ذلك الخلف كله وهلك أولئك الذين أساءوا قدامه». فانظروا إلى غضبه اللحظي أنه كيف عامل بني إسرائيل.