١ ـ يعلم من كلام متّى أن أبويّ المسيح بعد ولادته أيضا كانا يقيمان في بيت لحم ، ويفهم من بعض كلامه أن هذه الإقامة فيه كانت إلى مدة قريبة من سنتين. وجاء المجوس هناك ، ثم ذهبا إلى مصر وأقاما مدة حياة هيرود في مصر ، ورجعا بعد موته وأقاما في ناصرة. ويعلم من كلام لوقا أن أبويّ المسيح بعد ما تمّ مدة نفاس مريم ، ذهبا إلى أورشليم. وبعد تقديم الذبيحة رجعا إلى ناصرة وأقاما فيها. وكانا يذهبان منها إلى أورشليم في أيام العيد من كل سنة. وأقام المسيح في السنة الثانية عشرة ، بلا اطّلاع الأبوين ، ثلاثة أيام في أورشليم. وعلى كلامه لا سبيل لمجيء المجوس في بيت لحم ، بل لو فرض مجيئهم يكون في ناصرة ، لأن مجيئهم في أثناء الطريق أيضا بعيد. وكذا لا سبيل لذهاب أبويه إلى مصر وإقامتهما فيها ، لأنه صريح في أن يوسف لم يسافر قطّ من أرض اليهود لا إلى مصر ولا إلى غيرها.
٢ ـ يعلم من كلام متّى أن أهل أورشليم وهيرود ما كانوا عالمين بولادة المسيح قبل أخبار المجوس ، وكانوا معاندين له. ويعلم من كلام لوقا أن أبويّ المسيح لمّا ذهبا إلى أورشليم ، بعد مدة النفاس ، لتقديم الذبيحة ، فسمعان الذي كان رجلا صالحا ممتلئا بروح القدس ـ وكان قد أوحي إليه أنه لا يرى الموت قبل رؤية المسيح ـ أخذ عيسى عليهالسلام على ذراعيه في الهيكل وبيّن أوصافه. وكذلك حنّة النبيّة وقفت تسبّح الربّ في تلك الساعة وأخبرت جميع المنتظرين في أورشليم. فلو كان هيرود وأهل أورشليم معاندين للمسيح ، لما أخبر الرجل الممتلئ بروح القدس في الهيكل الذي كان مجمع الناس في كل حين ، ولما أخبرت النبيّة بهذا الخبر في أورشليم التي كانت دار السلطنة لهيرود. والفاضل نورتن حام للإنجيل ، لكنه هاهنا سلم الاختلاف الحقيقي بين البيانين ، وحكم بأن بيان متّى غلط وبيان لوقا صحيح.
٥٤ ـ يعلم من الباب الرابع من إنجيل مرقس أن المسيح أمر الجماعة بالذهاب ، وحدث التموّج والهيجان في البحر بعد وعظ التمثيلات. ويعلم من الباب الثامن من إنجيل متّى أن الحالين المذكورين بعد وعظ الجبل. وكتب وعظ التمثيلات في الباب الثالث عشر. فهذا الوعظ متأخّر عن الحالين المذكورين تأخّرا كبيرا ، لأن بين الواعظين مدة مديدة. فأحدهما غلط لأن التقديم والتأخير في تاريخ الوقائع وتوقيت الحوادث من الذين يدّعون أنهم يكتبون بالإلهام أو يدّعى لهم ذلك بمنزلة المناقضة.
٥٥ ـ كتب مرقس في الباب الحادي عشر أن مباحثة اليهود والمسيح كانت في اليوم الثالث من وصوله إلى أورشليم ، وكتب متّى في الباب الحادي والعشرين أنها كانت في اليوم الثاني فأحدهما غلط. وقال هورن في بيان هذين الاختلافين اللذين مرّ ذكرهما في هذا