الزمان آن لتأييد الحق وانتشاره ، فتقربوا إلى الحكومة للتدخّل في إصلاح الامور وترويج الإسلام والديانة.
ولكي نعلم ما يعتقده الفيض في هذه المسألة نحكي أولا ما أورده في بيان نسبة السياسة والشرع ، ثم نتأمّل في سيرته الشخصية في هذا المجال ، قال (١) : «الشرع قانون إلهي أنزل الله سبحانه على أيدي رسله وأوصيائهم المعصومين عليهمالسلام إلى عباده ، ليعلموا به ويلازموه ، ليفوزوا بذلك سعادة الأبد ... والعرف قانون جمهوريّ وضعته الجماهير فيما بينهم وأوجبوا على أنفسهم العمل به وملازمته ، ويقبحون مخالفته ؛ فما تلقته العقلاء منه بالقبول لحسنه أو التزموه لدفع شرّ ملتزميه ، فذلك ، وما ليس كذلك فالتزامه حمق ... ، وإذا اشتمل العرف على سلطنة واستيلاء سمّي «سياسة» ، وهي مما لا بدّ منه في تعيّش الجماعات من أهل القرى والمدن ، وإن كان بتغلّب ونحوه ؛ والفرق بين السياسة والشرع [أنّ السياسة] (٢) تحرك الأشخاص البشرية ليجمعهم على نظام مصلح لجماعاتهم ، وإنّما تصدر عن النفوس الجزئيّة ، والشرع يحرّك النفوس وقواها إلى ما وكلت به في عالم التركيب من مواصلة نظام الكل ، ويذكّر معادها إلى العالم الأعلى الإلهي ، ويزجرها عن الانحطاط إلى الشهوة والغضب وما يتركّب منهما ويتفرّع عليهما ، وإنّما تصدر عن العقول الكليّة الكاملة ، فأفعال السياسة جزئيّة ناقصة مستبقاة بالشرع ، ومستكملة به ، وأفعال الشرع كليّة تامّة غير محوجة إلى السياسة ... وبالجملة السياسة للشرع بمنزلة الجسد للروح والعبد للمولى ، تطيعه مرّة وتعصيه اخرى ، فإذا أطاعه انقاد ظاهر العالم باطنه وأقامت المحسوسات في ظل المعقولات ، وتحرّكت الأجزاء نحو الكل ، وكانت الرغبة في الباقيات الصالحات ، والزهادة في الفانيات البائدات ... وإذا عصت السياسة للشرع ، تأمّرت الحواسّ على العقول وزال الخشوع للأسباب البعيدة العالية ، ودفع الإخلاص للعلل القريبة ورأى الملوك أنّ بهم وبأفعالهم نظام ملكوه ...».
__________________
(١) ـ ضياء القلب : ١٧٥ ـ ١٧٦.
(٢) ـ إضافة يقتضيه السياق.