الأخبار بنحو فرائض العبادات وأحكام الحلال والحرام ، دون ما يتعلّق باصول الدين ، فإنّها معلومة بأدلّة العقل أو مقرونة بها إلا نادرا ؛ وما يتعلّق منها بنحو القصص والمواعظ وفضائل الأعمال ، إذ ليس في المواعظ والقصص غير محض الخير ، والعلماء المحقّقون يتساهلون كثيرا في أدلّة السنن ؛ والأصل في ذلك ما رواه الخاصّة والعامّة عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه قال : «من بلغه عن الله فضيلة فأخذها وعمل بما فيها إيمانا بالله ورجاء ثوابه أعطاه الله تعالى ذلك وإن لم يكن كذلك» وروى هشام بن سالم بسند حسن عن أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادقعليهالسلام : أنّه قال : «من سمع شيئا من الثواب على شيء فصنعه ، كان له أجره وإن لم يكن على ما بلغه». وفي معناها روايات اخر ، وهي متلقّاة بالقبول عند الأصحاب ، وقد اشتهر العمل بمضمونها بينهم ، وعلى هذا فالعمل بالأخبار الضعيفة في أدلّة فضائل الأعمال ليس العمل بها حقيقة ، بل بهذا الحديث الحسن المشتهر المعتضد بالروايات الاخر وبشواهد العقل كما لا يخفى» ـ».
وقال في تعريف الخبر الواحد (١) : «وكانوا لا يعتمدون على الخبر الذي كان ناقله منحصرا في مطعون أو مجهول ، وما لا قرينة معه تدلّ على صحّة المدلول ، ويسمّونه الخبر الواحد الذي لا يوجب علما ولا عملا ...».
فقد صرّح بأنّ ما يتعلّق باصول الدين «فإنها معلومة بأدلّة العقل أو مقرونة بها إلا نادرا ...». فالاعتماد في كتبه على الأخبار والآيات في إثبات الواجب ناظر إلى ما فيها من الاستدلالات والتنبيهات وتأييد الاستدلالات العقلية ؛ وأمّا فيما لا طريق للعقل إلى معرفتها ـ مثل أحاديث المعراج ووصف الجنة والنار وغيرها ـ فما كان منها في القرآن الشريف والأخبار المتواترة يقطع بصحّته ؛ وأمّا غير ذلك ـ ممّا ورد في الأخبار الآحاد (باصطلاح المتأخّرين) أو المراسيل والمرفوعات ـ هل نظر الفيض فيها نفس نظره في روايات الأحكام وملاكاته فيها ـ من إطلاق الصحيح باصطلاح القدماء وعدم الاعتقاد بما قاله أهل الاجتهاد في ظنيّة مدلول أخبار الآحاد ـ ولو كانت
__________________
(١) ـ الوافي : ١ / ١٤. راجع أيضا سفينة النجاة : ٢١.