وشادوا دعائمه ، وأحكموا قوائمه ، إنْ كانوا هم الَّذين يريدون هدم الاسلام ، وأنت واستاذك الدكتور وزملاؤكم هم الَّذين شيَّدوا الاسلام وأيّدوه!! إذاً فعلى الدنيا العفا ، وعلى الاسلام السَّلام ، ورحم الله فيلسوف المعرَّة حيث يقول :
إذا وصِفَ الطائيِ بِالبُخلِ ما دَر
إلى قوله : فَيا مَوت زُرْ إنَّ الحَياةَ ذَمِيمَةٌ ... (١).
وما كان شيء من كلُّ هذا من أصل قصدي ، وصميم غرضي ، ولكن جرى القلم به عفواً ، وتمطّى على القول فيه قهراً ، فعسى أن يعلم الكاتب من أبناء العصر ومن بعدهم ـ بعد ذا كيف يكتب ، ويتصوَّر ماذا يقول ، فقد قال أمير المؤمنين عليهالسلام ـ وما أشرف مَنْ قال ـ :
« لسانُ العاقلِ مِنْ وراءِ قَلبهِ ، وَقَلبُ الجاهِلِ مِنْ وَراءِ لِسانِهِ» (٢).
__________________
(١) من قصيدة طويلة شهيرة كانت في زمنها محل جدل ونقاش ، لكون المعري قد نسب إلى نفسه في هذه القصيدة أمراً عظيماً من العسير أنْ ينسبه أحد إلى نفسه ، مطلعها :
ألا في سَبيلِ
المَجدِ مَا أنا فاعِل |
|
عَفاف وإقدام
وَحَزم ونائِلُ |
وَحيث يقول في بعض أبياتها :
تًعدُّ ذُنُوبي
عِندَ قَومٍ كَثيرَةً |
|
وَلاذَنبَ لي إلاّ
العُلى وَالفَواضِلُ |
وَقَد سارَ ذكري
في البِلاد ِفَمَنْ لَهُم |
|
بِإخفاءِ شَمسٍ
ضَوؤها مُتكامِلً |
يُهم اللَيالي
بَعضُ ما أنا مُضمِرٌ |
|
وَيُثقِل رَضوى
دونَ ما أنا حامل |
وَإني وإنْ كنت
الأخيرَ زمانُهُ |
|
لآتٍ بما لم
تستطعِهُ الاوائِل |
والبيتان اللذان ذكرهما الشَّيخ رحمه الله تعالى أعلاه هما :
إذا وصفَ الطّائي
بِالبُخلِ مادِر |
|
وعيرَ قًسّا
بالفَقاهَةِ باقلُ |
فَيا مَوتُ زُرْ
إنَّ الحَياةَ ذَميمَة |
|
وَيا نَفسُ جِدّي
إنَّ دَهرَكِ هازِلُ |
اُنظر : ديوان الشاعر المسمَّى بـ ( سقط الزند ) : ١٩٣.
(٢) نهج البلاغة للشَّيخ محمَّد عبده ٤ : ٦٦٧|٤٠.