فهذه كتب الشِّيعة بأجمعها تعلن بلعنه والبراءة منه ، وأخف كلمة تقولها كتب رجال الشِّيعة في حقِّه ويكتفون بها عن ترجمة حاله عند ذكره في حرف العين هكذا : ( عبدالله بن سبأ ، العن مِنْ أنْ يُذكر ).
انظر رجال أبي علي وغيره (١).
على أنَّه ليس من البعيد رأي القائل : أنَّ عبدالله بن سبأ ، ومجنون بني عامر ، وأبي هلال ، وأمثال هؤلاء الرجال أو الأبطال كلّها أحاديث خرافة وضعها القصّاصون وأرباب السَّمر والمجون ، فانَّ الترف والنعيم قد بلغ أقصاه في أواسط الدولتين الأموية والعبّاسية ، وكلّما اتسع العيش وتوفَّرت دواعي اللهو ، اتسّع المجال للوضع ، وراج سوق الخيال ، وجعل القصص والأمثال ، كي تأنس بها ربّات الحجال ، وأبناء الترف والنعمة المنغمرين في
__________________
وإلا فأنَّ موقف الشيعة وعلمائها من هذا الامر أوضح من أنْ يحتاج معه إلى بيان ، فراجع ما شئت من كتبهم ترى حقيقة الامر بجلاء ووضوح.
ولعل الامر الواضح والجلي في سر صناعة هذه الاسطورة يكمن في أمر موالاة الشيعة لعلي عليهالسلام وأهل بيته الاطهار ، امتثالاً لامر الله تعالى ورسوله ، وهذا ما أثار حفيظة الامويين وحقدهم الاسود عليهم والذي لا يقف عند أي حد ، فاختلقوا ما زيَّنته لهم نفوسهم المريضة ، ووجدها أعداء الشِّيعة لقمة سائغة فازدورها وطفقوا بجهل يتبجحون بها كالحمقى والمغفلين ، من دون أدنى مراجعة ودراسة ، وأنا أترك للقارئ الكريم مسألة الحكم حول هذا الموضوع بعد دراسته المجردة للوقائع التاريخية الممتدة خلال فترة ظهور هذا الرجل ، أو ما كتب عنه من قبل الباحثين والدارسين المختلفين ، وحتى يدرك بالتالي تفاهة وسقامة الربط الساذج بين عقيدة تمتد جذورها إلى اليوم الاول لقيام الدعوة الاسلامية ، وبين رجل أبسط ما قيل في حقَّه أنَّه مشرك وكافر ، فراجع.
(١) بلى إنَّ جميع مصادر الشيعة اتفقت على لعنه وتكفيره ، وأنه غال زعم أن أمير المؤمنين عليهالسلام إله أو نبي مرسل من قِبَل الله على الاقل.
فراجع : رجال أبو علي : ٣٠٢ ، رجال الكشي ٩ : ٣٢٣ ، رجال الطوسي : ٥١|٧٦ ، نقد الرجال : ١٩٩|١٣١ ، الخلاصة ( القسم الثاني ) : ٢٣٧|١٩ ، تنقيح المقال ٢ : ١٨٣ وغيرها.