فهل هذه الأعمال تسِّيغ أن يكون صاحبها مسلماً ، فضلاً عن أن يكون خليفة المسلمين ، وأمير المؤمنين؟!
ثم سارت المروانية كلّها على هذه السيرة ، وما هو أشقّ وأشقى منها ، عدا ما كان من العبد الصّالح عمر بن عبدالعزيز.
ثم خلفتها الدولة العبّاسية ، فزادت ـ كما يُقال ـ في الطنبور نغمات ، حتى قال أحد مخضرمي الدولتين :
يا لَيتَ جَور بَني مَروانَ دامَ لنا |
|
وَلَيتَ عَدل بني العَبّاسِ في النّار |
وتتبعوالذراري العلوية من بني عمِّهم ، فقتلوهم تحت كلُّ حجر ومدر ، وخرَّبوا ديارهم ، وهدموا اثارهم ، حتى قال الشُّعراء في عصر المتوكل :
تَاللهِ ان كانت اُميَّةُ قَد أتت |
|
قَتَل ابنَ بنت نبيّها مَظلُوما |
فلَقَد أتَتهُ بَنُو أبيهِ بمثلِهِ |
|
هذا لَعمرُكَ قَبرهُ مَهدوما |
أسفوا على أن لايَكونُوا شارَ |
|
كُوا في قَتلِه فَتَتَبعُوهُ رَميما (١) |
ضع في قبال ذلك سيرة بني علي عليهالسلام وانسبها الى سيرة المروانيين والعبّاسيينَ ، هناك تنجلي لك الحقيقة في أسباب انتشار التشيُّع ،
__________________
أن قتله قتلة بشعة ، بعد أن احتال عليه بحيل ماكرة.
انظر : تاريخ الطبري ٦ : ١٤٠ ، الكامل في التاريخ ٤ : ٢٩٧ ، مروج الذهب ٣ : ٣٠٤ ، العقد الفريد ١٥٥ : ٥.
(١) ذكر السيوطي في تاريخ الخلفاء ( صفحة ٢٧٧ ) وغيره : أن في سنة ست وثلاثين هجرية أمر المتوكِّل لعنه الله تعالى بهدم قبر الامام الحسين عليهالسلام ، وهدم ما حوله من الدور ، وأن يعمل مزارع. ومنع الناس من زيارته ، وخرب وبقي صحراء.
وكان المتوكِّل معروفاً بالتعصُّب ، فتألمَّ المسلمون من ذلك ، وكتب أهل بغداد شتمه على الحيطان والمساجد ، وهجاه الشعراء ، فممَّا قيل في ذلك ... وأورد الابيات المذكورة.