( هُوَ الَّذي بعث في الاُمييِّنَ رَسُولاً مِنهُم يَتلُوا عَلَيهِم آياتِهِ ويُزَكِّيهِم وَيُعَلِّمَهُمُ الكِتابَ والحِكمَةَ ) (١) والناقص لا يكون مكمِّلاً ، والفاقد لا يكون مُعطياً.
فالإمام في الكمالات دون النبي وفوق البشر.
فمن اعتقد بالإمامة بالمعنى الذي ذكرناه فهو عندهم مؤمن بالمعنى الأَخص ، وإذا اقتصر على تلك الأَركان الأَربعة فهو مسلم ومؤمن بالمعنى الأَعم ، تترتَّب عليه جميع أحكام الإسلام ، من حرمة دمِّه ، وماله ، وعرضه ، ووجوب حفظه ، وحرمة غيبته ، وغير ذلك ، لا أنه بعدم الإعتقاد بالإمامة يخرج عن كونه مسلماً ( معاذ الله ).
نعم يظهر أثر التديُّن بالإمامة في منازل القرب والكرامة يوم القيامة ، أمّا في الدنيا فالمسلمون بأجمعهم سواء ، وبعضهم لبعض أكفّاء ، وأمّا في الآخرة فلاشك أن تتفاوت درجاتهم ومنازلهم حسب نياتهم وأعمالهم ، وأمر ذلك وعلمه إلى الله سبحانه ، ولا مساغ للبت به لأَحد من الخلق.
والغرض : إنَّ أهم ما امتازت به الشِّيعة عن سائر فرق المسلمين هو : القول بإمامة الأَئمة الأثنَي عشر ، وبه سُمِيّت هذه الطائفة ( إمامية ) إذ ليس كلُّ الشِّيعة تقول بذلك ، كيف واسم الشِّيعة يجري على الزيدية (٢) ،
__________________
(١) الجمعة ٦٢ : ٢.
(٢) نشأت هذه الفرقة ابان الظروف القاسية التي أحاطت بالشِّيعة في العراق أثناء حكم الامويين المعروف بعدائه الشديد ، وبغضه المشهور للشِّيعة وأئمتهم عليهمالسلام ، وكردة فعل للاحوال المزرية المحيطة بهم.
فقد كان العراق آنذاك تحت ولاية يوسف بن عمر الثقفي الجندي المطيع ، والكلب الوفي ، والعميل المخلص المتفاني في تحقيق أهداف الامويين ، بل ويدهم الضاربة التي لا تتردد في البطش بكلِّ من يفكر في الاعتراض على سياستهم الخرقاء الفاسدة ، وظلمهم الذي لا يقف عند أي حد.
ومن الثابت أنَّ هذا الرجل كان من أشد المبغضين للشِّيعة حتى قبل تسنمه لمنصب ولاية