الدنيا للانسان. وقال بعض كبار علماء ، اُوروبا : لولا سيف ابن ملجم لكان علي بن أبي طالب من الخالدين في الدنيا ، لأنّه قد جمع جميع صفات الكمال والاعتدال. وعندنا هنا تحقيق بحث واسع لا مجال لبيانه.
الثاني : السؤال عن الحكمة والمصلحة في بقائه مع غيبته ، وهل وجوده مع عدم الإنتفاع به إلّا كعدمه؟.
ولكن ليت شعري هل يريد اُولئك القوم أن يصلوا إلى جميع الحِكَمِ الربّانية ، والمصالح الإلهية ، وأسرار التكوين والتشريع ، ولا تزال جملة أحكام إلى اليوم مجهولة الحكمة ، كتقبيل الحجر الأَسود ، مع أنَّه حجر لا يضر ولا ينفع ، وفرض صلاة المغرب ثلاثاً ، والعشاء أربعاً ، والصبح اثنتين ، وهكذا إلى كثيرمن أمثالها ، وقد استأثر الله سبحانه بعلم جملة أشياء لم يُطلع عليها مَلَكاً مُقرَّباً ، ولا نبياً مرسلاً ، كعلم الساعة وأخواته ( إنَّ اللهَ عندَهُ عِلمُ السّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الغَيث ) (١).
وأخفى جملة أُمور لم يُعلَم على التحقيق وجه الحكمة في إخفائها ، كالاسم الأَعظم ، وليلة القدر ، وساعة الإستجابة.
والغاية : أنَّه لا غرابة في أن يفعل سبحانه فعلا أو يحكم حكماً مجهولي الحكمة لنا ، إنَّما الكلام في وقوع ذلك وتحقيقه ، فإذا صح إخبار النبي وأوصيائه المعصومين عليهمالسلام لم يكن بد من التسليم والإذعان ، ولا يلزمنا البحث عن حكمته وسببه ، وقد أخذنا على أنفسنا في هذا الكتاب الوجيز أن لا نتعرض لشيء من الأَدلة ، بل هي موكولة إلى مواضعها ، والأَخبار في ( المهدي ) عن النبي صلىاللهعليهوآله من الفريقين مستفيضة ، ونحن وإن اعترفنا بجهل الحكمة ، وعدم الوصول إلى حاقّ
__________________
(١) لقمان ٣١ : ٣٤.