كيف والذي يظهر من فلي نواصي التاريخ ، والاستطلاع في ثنايا القضايا ، أنَّ عقد المتعة كان مستعملاً في زمن الرسالة ، حتى عند أشراف الصحابة ورجالات قريش ، ونتجت منه الذراري والأَولاد الأَمجاد.
فهذا الراغب الأَصفهاني ـ من عظماء علماء السنَّة ـ يحدثنا ـ وهو الثقة الثبت ـ في كتابه السّابق الذكر ما نصّه : أنَّ عبدالله بن الزبير عيَّر ابن عبّاس بتحليله المتعة ، فقال له ابن عبّاس : سل اُمّكَ كيف سطعت المجامر بينها وبين أبيك.
فسألها فقالت : والله ما ولدتُك إلّا بالمتعة (١).
وأنت تعلم من هي اُم عبدالله بن الزبير ، هي أسماء ذات النطاقين ، بنت أبي بكر الصدِّيق ، اُخت عائشة اُمّ المؤمنين ، وزوجها الزبير من حواري رسول الله ، وقد تزوجها بالمتعة ، فما تقول بعد هذا أيها المكابر المجادل؟!
ثم أنَّ الراغب ذكر عقيب هذه الحكاية رواية اُخرى فقال : سأل يحيى ابن أكثم شيخاً من أهل البصرة فقال له : بمن اقتديت في جواز المتعة؟
فقال : بعمر بن الخطاب.
فقال له : كيف وعمر كان من أشد الناس فيها؟!
قال : نعم ، صح الحديث عنه أنَّه صعد المنبر فقال : يا أيُّها الناس ، متعتان أحلَّهما الله ورسوله لكم وأنا اُحرِّمها عليكم واُعاقب عليهما ، فقبلنا شهادته ولم نقبل تحريمه. انتهى (٢).
وقريب منها ما ينقل عن عبدالله بن عمر (٣).
__________________
(١) محاضرات الادباء ٣ : ٢١٤.
(٢) محاضرات الادباء ٣ : ٢١٤.
(٣) سنن الترمذي ٣ : ١٨٥|٨٢٤.