أحكام وشروط ، ومواقع خاصة لا تتعداها ، ولا يقوم سواها مقامها.
ولكن لما كان دين الاسلام ديناً اجتماعياً ، وأساسه التوحيد والوحدة ، وأهم مقاصده الاتفاق والإلفة ، وأبغض الأَشياء اليه التقاطع والفرقة ، لذلك ورد في كثير من الأَحاديث ما يدلُّ على كراهة الطلاق والردع عنه ، ففي بعض الأخبار ( ما من حلال أبغض إلى الله من الطلاق ) (١).
فكانت الحاجة والسعة على العباد ، وجعلهم في فسحة من الأَمر تقتضي بتشريعه ، والرحمة والحكمة ، وإرشاد العباد إلى مواضع جهلهم بالعاقبة ( فَعَسى أن تَكرَهُوا شيئاً ويَجعَلَ اللهُ فيهِ خيراً كَثيراً ) (٢) كلُّ ذلك يقتضي التحذير منه ، والردع عنه ، والأمر بالتروي والتبصر فيه.
ونظراً لهذه الغاية ، جعل الشّارع الحكيم للطلاق قيوداً كثيرة ، وشرط فيه شروطاً عديدة ، حرصاً على تقليله وندرته ( والشيء إذا كثرت قيوده ، عزّ وجوده ).
فكان من أهم شرائطه ـ عند الإمامية ـ : حضور شاهدين عدلين ( وأشهِدُوا ذَوي عَدلٍ مِنكُم ) (٣) فلو وقع الطلاق بدون حضورهما كان باطلاً ، وفي هذا أبدع ذريعة ، وأنفع وسيلة ، إلى تحصيل الوئام ، وقطع مواد الخصام بين الزوجين ، فإنَّ للعدول وأهل الصلاح مكانة وتاثيراً في النفوس ، كما أنَّ من واجبهم الإصلاح والموعظة ، وإعادة مياه صفاء الزوجين المتخاصمين إلى مجاريها ، فاذا لم تنجع نصائحهم ومساعيهم في كلُّ حادثة ، فلا أقل من التخفيف والتلطيف ، والتأثير في عدد كثير.
__________________
(١) أُنظر : الكافي ٦ : ٥٤|٢ و ٣.
(٢) النساء ٤ : ١٩.
(٣) الطلاق ٦٥ : ٢.