ولا يصح شيء من أنواع الهبات إلّا بالقبض ، ويجوز الرجوع في الهبات الجائزة حتى بعد القبض ، إلّا إذا كانت لذي رحم ، وزوج أو زوجة ، أو بعد التلف.
أمّا الصدقات ، فلا يجوز الرجوع في شيء منها بعد القبض ، ولا تصح أيضاً إلا بالقبض.
وإذا أجرى الواقف صيغة الوقف ، وهي قوله : وقفتُ هذه الدار ـ مثلاً ـ قربة إلى الله تعالى ، ثم أقبضه المتولِّي أو الموقوف عليهم ، أو قبضه هو بنية الوقف ، إذا كان قد جعل التولية لنفسه فحينئذٍ لا يجوز الرجوع فيه أصلاً ، ولا بيعه ، ولا قسمته ، سواء كان وقف ذرية وهو ( الوقف الخاص ) أو وقف جهة وهو ( الوقف العام ) كالوقف على الفقراء ، والغرباء ، والمدارس ، وأمثالها.
نعم ، قد يصح البيع في موارد استثنائية تُلجئ إليها الضرورة المُحرِجة ، يجمعها خراب الوقف خراباً لا يُنتفع به منفعة معتداً بها ، أو خوف أن يبلغ خرابه إلى تلك المرتبة ، أو وقوع الخلاف بين أربابه بحيث يُخشى أن يؤدي إلى تلف الأَموال أو النفوس أو هتك الأَعراض.
ومع ذلك كلِّه لا يجوز بيع الوقف بحال من الأَحوال ، ولا قسمته إلّا بعد عرض المورد الشخصي على الحاكم الشرعي ، وإحاطته بالموضوع من جميع جهاته ، وصدور حكمه بالبيع أو القسمة لحصول المسوِّغ الشرعي ، وبدون ذلك لا يجوز.
وقد تساهل الناس في أمر الوقف ، وتوسَّعوا في بيعه وإخراجه عن الوقفية توسُّعاً أخرجهم عن الموازين الشرعية ، والقوانين المرعية ، والله من وراء القصد ، وهو اللطيف الخبير.
هذا كلّه على طريقة المشهور ، ولنا تحقيق ونظر آخر في الوقف لا مجال له هنا.