بقوله : ( إلّا أنْ تَتَّقُوا مِنْهُم تُقاةً ) (١) ، وقوله : ( إلّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌ بِالإِيمانِ ) (٢).
وقصة عمار وأبويه ، وتعذيب المشركين لهم ولجماعة من الصحابة ، وحملهم لهم على الشرك وإظهارهم الكفر مشهورة (٣).
والعمل بالتقية له أحكامه الثلاثة :
فتارة : يجب ، كما إذا كان تركها يستوجب تلف النفس من غير فائدة.
واخرى : يكون رخصة ، كما لو كان في تركها والتظاهر بالحقِّ نوع تقوية له ، فله أن يضحي بنفسه ، وله أن يُحافظ عليها.
وثالثة : يحرم العمل بها ، كما لو كان ذلك موجباً لرواج الباطل ، وإضلال الخلق ، وإحياء الظلم والجور.
ومن هنا تنصاع لك شمس الحقيقة ضاحية ، وتعرف أنَّ اللوم والتعيير بالتقية ـ إن كانت تستحق اللوم والتعيير ـ ليس على الشِّيعة ، بل على من سلبهم موهبة الحرية ، وألجأهم إلى العمل بالتقية.
تغلَّب معاوية على الأُمَّة ، وابتزها الامرة عليها بغير رضا منها ، وصار يتلاعب بالشَّريعة الاسلامية حسب أهوائه ، وجعل يتتبَّع شيعة علي ، ويقتلهم تحت كلِّ حجر ، ويأخذ على الظنة والتهمة (٤) ، وسارت على طريقته العوجاء ،
__________________
(١) آل عمران ٣ : ٢٨.
(٢) النحل ١٦ : ١٠٦.
(٣) راجع : التبيان في تفسير القرآن للشيخ الطوسي ٦ : ٤٢٨ ، مجمع البيان في تفسير القرآن للشيخ الطبرسي ٣ : ٣٨٧ ، جامع البيان للطبري ١٤ : ١٢٢ ، التفسير الكبير للرازي ١٩ : ١٢٠ ، الكامل في التأريخ لابن الاثير ٢ : ٦٠.
(٤) روى ابن ابي الحديد المعتزلي في شرحه لنهج البلاغة ( ١١ : ٤٤ ) عن ابي الحسن علي ابن محمَّد بن أبي سيف المدائني في كتاب الاحداث : أنَّ معاوية بن ابي سفيان كتب نسخة إلى عماله بعد عام الجماعة [ بل هو والله عام تفرق المسلمين وضياعهم ] : أن برئت الذمة