وأحمد بن حنبل في مسنده ، كما أخرجناه ، ومعنى قوله : وعيسى في آخرها لم يرد صلى اللّه عليه وآله به ان عيسى يبقى بعد المهدي عليه السلام ، لأن ذلك لا يجوز لوجوه :
منها : انه «ص» قال : ثم لا خير في الحياة بعده ، وفي رواية ثم لا خير في العيش بعده على ما تقدم.
ومنها : ان المهدي إذا كان إمام آخر الزمان ولا إمام بعده مذكور في رواية أحد من الأمة ، وهذا غير ممكن أن الخلق يبقى بغير إمام ، فان قيل : ان عيسى يبقى بعده إمام الأمة؟ قلت : لا يجوز هذا القول ، وذلك أنه صلى اللّه عليه وآله صرح انه لا خير بعده ، وإذا كان عيسى في قوم لا يجوز ان يقال إنه لا خير فيهم ، وأيضا لا يجوز ان يقال إنه نائبه ، لأنه جل منصبه عن ذلك ، ولا يجوز ان يقال إنه يستقل بالأمة لأن ذلك يوهم العوام انتقال الملة المحمدية إلى الملة العيسوية وهذا كفر ، فوجب حمله على الصواب وهو انه صلى اللّه عليه وآله أوّل داع إلى ملة الاسلام والمهدي أوسط داع والمسيح آخر داع ، فهذا معنى الخبر عندي.
ويحتمل ان يكون معناه المهدى أوسط هذه الأمة ـ يعني خيرها ـ إذ هو إمامها وبعده ينزل عيسى مصدقا للامام وعونا له ومساعدا ومبينا للأمة صحة ما يدعيه الامام ، فعلى هذا يكون المسيح آخر المصدقين.
الباب الثالث
عشر في ذكر كنيته ، وأنه يشبه النبيّ (ص) في خلقه
أخبرنا الحافظ أبو الحسن محمد بن أبي جعفر القرطبي وغيره بدمشق والمفتي صقر بن يحيى بن صقر الشافعي وغيره بحلب قالوا : جميعا أخبرنا أبو الفرج يحيى