والحافظ الكنجي الشافعي بعد هذه المرحلة وقد شملته المحنة وقاومته العناصر غير النظيفة ، يعتبر من المحدثين المغمورين المظلومين الذين لم ينصفهم التاريخ ولم يحفظ تراثه من الدمار والفناء وهو في الرعيل الأول ومقدمة الحفاظ والمشايخ الذين كانوا ينابيع العلم والادب ومنارات الهدى وأئمة الفكر والفضيلة يقصدون العلم والدين ، وأصبحوا اهل علم ودين ، وكانت حياتهم علما وعملا ومنطقا وخلقا ، وكانوا كلهم يطلبون الحديث ، ويسعون إليه ، ويحجون نحوه ، ويطلبونه أينما كان ، ووجدوهم في كل ذلك اصفى الناس ذهنا ، وأطيبهم نفسا وأشدّهم نشاطا.
مشايخه فى الرواية :
رحل الحافظ ابو عبد الله الكنجي ، كما يظهر من خلال كتابه الى العواصم الاسلامية لطلب الحديث ، ومعرفة الكتاب ، والسنة الثابتة والاجماع الصحيح وموارده ، والقياس الجلي وأنواعه وطرقه ، وأصوله المعروفة ، والاتصال بأئمة الحديث ، والأخذ عنهم ، والاختلاط بهم ، والتأدب بآدابهم في القول والعمل وهم يعلمون ويعملون ويتبعون ، ولا يبتدعون ، ويتقون الله سرا وعلنا ... ويحكمون الشرع في خاصة نفوسهم ، وعامة امورهم ، لا تذلهم الدنيا ، ولا يفسدهم الفقر ، ولا يطغيهم الغنى ... ليس لهم إلا الانقطاع الى الحديث والعلم.
لقد ذكر المترجم له مشايخه في البلدان بصورة موجزة ، واكتفى بالاشارة الى اسمائهم ، وبيان من نقل عنه ، وتتميما للفائدة استخرجتهم من الكتاب ورتبتهم حسب الطريقة الهجائية ، لتكون طريقا الى مكانة الحافظ الكنجي ... العلمية والتاريخية ، وفيهم الكثير ممن جهلهم أو تجاهلهم التاريخ فلم يفرد له ترجمة