وتشجيعهم على الأعمال الفاضلة ، ويرى أنّه لا يوجد أي منافاة بين الكذب ـ وهو أقبح الذنوب ـ والزهد والفقاهة» (١).
ذكر العالم (القرطبي) نفسه في الصفحة التالية لنفس الكتاب نقلاً عن «الحاكم» وبعض الشيوخ المحدثين : «أنّ أحد الزهاد قام بوضع بعض الأحاديث بقصد القربة في فضيلة القرآن وسوره ، وعند ما سألوه : لما ذا قمت بهذا العمل؟
قال : رأيت قلة اهتمام الناس بالقرآن ، فأحببت أن أشجع الناس أكثر على القرآن.
وعند ما قالوا له : إنّ النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله قال : «مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِداً فَلْيَتَبَوأ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّار» (٢). فأجاب : إنّ النبي صلىاللهعليهوآله قال : «مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ ...» وأنا لم أكذب ضد النبي صلىاللهعليهوآله بل كذبي كان لمصلحة النبي صلىاللهعليهوآله.
ولم يقتصر الأمر على ما نقله القرطبي ، بل نقل هذه الأحاديث مجموعة أخرى من علماء أهل السنّة أيضاً ، ولأجل التوسع في البحث يراجع كتاب (الغدير) القيم ، الجزء الخامس ، باب الكذّابين والوضّاعين.
المجموعة الثانية : هم الأشخاص الذين يأخذون مبالغ طائلة مقابل وضع الأحاديث لصالح معاوية وبني أمية ، وذم أمير المؤمنين علي عليهالسلام.
ومن جملتهم : سمرة بن جندب الذي أخذ مبلغاً قدره أربعمائة ألف درهم من معاوية لوضع حديث في ذم الإمام علي عليهالسلام ومدح قاتله ، وقال إنّ الآية : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ ...) (٣) نزلت في عبد
__________________
(١). التذكار للقرطبي ، ص ١٥٥.
(٢). وسائل الشيعة ، ج ١٢ ، ص ٢٤٩ ، ح ٥.
(٣). سورة البقرة ، الآية ٢٠٧.