٤. نقرأ في الحديث الذي ذكره ابن أبي شيبة في مصنفه عن ابن عباس ، يقول : «الجهر ب (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) قراءة الأعراب» (١).
وفي الوقت نفسه لدينا حديث آخر عن علي بن زيد بن جدعان يقول : «إنّ العبادلة (عبد الله بن عباس ، عبد الله بن عمر ، عبد الله بن الزبير) كانوا يستفتحون القراءة ب (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) يجهرون بها» (٢).
والأكثر من هذا ، كانت سيرة الإمام علي بن أبي طالب عليهالسلام الجهر بالبسملة ، وهذا مشهور في جميع الكتب الشيعية وكتب أهل السنّة ، فهل كان الإمام علي عليهالسلام من الأعراب؟ ألا تكون هذه الأحاديث المتناقضة والمتضادة دليلاً على أنّ المسألة كانت ذا بعد سياسي؟
نعم ، الحقيقة هي أنّ الإمام علياً عليهالسلام كان يجهر بالبسملة ، وكان معاوية يصرّ ـ بعد شهادة الإمام علي عليهالسلام وخلال خلافة الإمام الحسن عليهالسلام وبعد استلامه للسلطة ـ على محو كل الآثار والمظاهر العلوية في العالم الإسلامي ، إضافة إلى اعتقاده بأنّ التأثير الفكري والمعنوي للإمام علي عليهالسلام على أفكار عامة المسلمين ، سيشكل تهديداً لسلطته.
والشاهد على هذا الكلام نقرأه في الحديث الذي ذكره الحاكم في المستدرك ـ والذي صرّح بأنّه معتبر ـ عن أنس بن مالك (الخادم الخاص للنبي) : «جاء معاوية إلى المدينة وشارك في إحدى الصلوات الجهرية [المغرب أو العشاء] فقرأ البسملة في سورة الحمد ولم يقرأها مع السورة الثانية ، وعند ما سلّم في صلاته ، ارتفع صوت مجموعة من المهاجرين
__________________
(١). مصنف ابن أبي شيبة ، ج ٢ ، ص ٨٩.
(٢). تفسير الدر المنثور ، ج ١ ، ص ٢١.