٣. إذا توسل شخص واعتقد بأن المتوسل به يؤثر في المسائل على نحو الاستقلال وبنفسه ، كما هي الحال بالنسبة لله سبحانه وتعالى ، فهو شخص مشرك.
٤. التوسل ليس أمراً واجباً وضرورياً ، ولا تنحصر استجابة الدعاء بالتوسل ، فالمهم هو الدعاء واللجوء إلى الله سبحانه وتعالى ، بأي شكل كان ، كما يقول الله تعالى : (وَإِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ) (١).
واستعرض ابن علوي المالكي بعد ذكر هذه المقدمة آراء العلماء والفقهاء والمتكلمين من أهل السنة ، فقال : لا يوجد خلاف بين المسلمين في مشروعية التوسل إلى الله بالأعمال الصالحة ، مثلاً : أن يصوم شخص أو يصلي أو يقرأ القرآن ، أو يتصدّق في سبيل الله ، ويتوسل بهذه الأعمال إلى الله سبحانه وتعالى ويتقرب بها ، فهذا الأمر من المسلّمات ولا بحث فيه.
وهذا النوع من التوسل مقبول حتى من قبل السلفيين ، ومن جملتهم ابن تيمية ، كما هو مذكور في مجموعة من كتبه المختلفة وبالخصوص في رسالته : «القاعدة الجليلة في التوسل والوسيلة».
ابن تيمية صرح بجواز هذا النوع من التوسل ، يعني التوسل بالأعمال الصالحة ، فإذاً أين هو محل الاختلاف؟
محل الاختلاف هو في التوسل بغير الأعمال الصالحة ، مثل التوسل بذوات أولياء الله ، كأن يقول أحد : «اللهم إنّي أتوسل إليك بنبيّك محمّد صلىاللهعليهوآله» وبعدها يضيف قائلاً : والاختلاف في هذا المعنى وإنكار الوهابيين للتوسل بأولياء الله ، هو في الواقع نوع من الاختلاف الشكلي واللفظي ، وليس خلافاً
__________________
(١). سورة البقرة ، الآية ١٨٦.