شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقاةً) (١). فهذه الآية تمنع إقامة علاقة ودية مع أعداء الحق ، إلّا إذا كان عدم العلاقة معهم يسبب وقوع المشقّة والأذى على المسلمين ، فتكون العلاقة الودية معهم باستخدام التقية نوعاً من أنواع الدفاع عن النفس.
ج) ينقل جميع المفسرين في قصة عمّار بن ياسر وأمّه وأبيه أنّهم وقعوا ثلاثتهم في أيدي المشركين العرب ، وقاموا بتعذيبهم وأجبروهم على البراءة من نبي الإسلام صلىاللهعليهوآله ، فأمّا والد عمّار وأمّه فقد رفضوا الاستجابة لهم ، واستشهدوا على هذه الحالة ، وأمّا عمّار فقد نطق بما يريدون تقية ، وبعد ذلك ذهب إلى حضرة النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله يبكي ، وفي الأثناء نزلت الآية الشريفة (مَنْ كَفَرَ بِاللهِ مِنْ بَعْدِ إِيمانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ وَلكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللهِ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ) (٢). فعدّ النبي صلىاللهعليهوآله والد عمّار وأمّه من الشهداء ، وقام بمسح دموع عمّار وقال له : لا إثم عليك ، فإن عادوا إلى إجبارك فكرر تلك الكلمات.
ويشير اتفاق آراء مفسّري الإسلام في شأن نزول الآية في عمّار ووالديه ، وحديث النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله بعدها على قبولهم جميعاً مسألة التقية. والأمر المثير للاستغراب أنّه ومع كل هذه الأدلة القرآنيّة المحكمة وكلمات المفسرين من أهل السنّة يؤاخذون الشيعة على قبولهم لمسألة التقية. فعمّار لم يكن منافقاً ، ولا مؤمن آل فرعون ؛ وذلك لأنّهما استفادا من التقية وفق الأوامر الإلهيّة.
__________________
(١). سورة آل عمران ، الآية ٢٨.
(٢). سورة النحل ، الآية ١٠٦.