فهل مع هذه الظروف يمكن أن يكون هناك شك أو ترديد في مشروعية التقية؟!
ونحن لا ننسى تلك الدماء التي أريقت بين أهل السنّة لسنوات عدّة بسبب الاختلافات المذهبية ، ومن جملتها مسألة القرآن ، هل هو حادث أم قديم؟ ، هذا النزاع الذي يراه المحقّقون اليوم نزاعاً لا معنى له ولا فائدة.
فإذا وقعت فرقة تدعي أنّها على الحق في أيدي مخالفيها وتورطت معها ، فهل عليها أن تجيب على أسئلتهم الاعتقادية بصراحة ، بأنّ عقيدتنا هي كذا وكذا ... حتى وإن كان هذا التصريح سيؤدي إلى إراقة دمهم من دون أن يكون لهذه الدماء تأثير أو فائدة ترتجى؟
٢. يقول الفخر الرازي في تفسير الآية الشريفة (إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقاةً) (١) : ظاهر الآية يدل على أنّ التقية إنّما تحلّ مع الكفّار الغالبين ، إلّا أنّ مذهب الشافعي (رضي الله عنه) إذا شاكلت الحالة بين المسلمين والمشركين حلّت التقية محاماة على النفس.
وبعدها استدل على ذلك بأنّ التقية جائزة لصون النفس ، وهل هي جائزة لصون المال يحتمل أن يحكم فيها بالجواز ، لقوله صلىاللهعليهوسلم : «حرمة مال المسلم كحرمة دمه» ، ولقوله صلىاللهعليهوسلم : «من قتل دون ماله فهو شهيد» (٢).
ونقرأ أيضاً في تفسير النيسابوري حيث جاء في حاشية تفسير الطبري : قال الشافعي : «تجوز التقية بين المسلمين كما تجوز بين الكافرين محاماة
__________________
(١). سورة آل عمران ، الآية ٢٨.
(٢). التفسير الكبير للفخر الرازي ، ج ٨ ، ص ١٤.