عليهم ، ونَصْبو في جميع أمورنا [إليهم] ، فيشفعون إلى إلهنا وإلههم ، وذلك لا يحصل إلّا باستمدادٍ من جهة الروحانيّات ، وذلك بالتضرّع والابتهال من الصلوات لهم ، والزكاة ، وذبح القرابين ، والبخورات.
وهؤلاء كفروا بالأَصْلَيْن اللذَين جاءت بهما جميع الرسل :
أحدهما : عبادة الله تصديقاً وإقراراً وانقياداً ، وهذا مذهب المشركين من سائر الأمم.
قال : والقرآن والكتب الإلهيّة مصرّحة ببطلان هذا الدين وكفر أهله.
قال : فإن الله سبحانه ينهى أن يُجعل غيرُه مثلاً له ، ونِدّاً له وشِبْهاً ، فإنّ أهل الشرك شبّهوا ـ من يعظّمونه ويعبدونه ـ بالخالق ، وأعطوه خصائص الإلهيّة ، وصرّحوا أنّه إلهٌ ، وأنكروا جَعْل الآلهة إلهاً واحداً ، وقالوا : اصبروا على آلهتكم ، وصرّحوا بأنّه : إلهٌ معبود ، يُرجى ويُخاف ويعظّم ، ويُسجَد له ، وتُقرَّب له القرابين ، إلى غير ذلك من خصائص العبادة التي لا تنبغي إلّا لله تعالى.
قال الله تعالى : (فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْداداً) (١) وقال : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللهِ أَنْداداً) (٢) ... الآية.
فهؤلاء جعلوا المخلوقين مِثْلاً للخالق. و (الندّ) الشبه ، يقال فلانٌ نِدّ فلانٍ ، وند نده : أي مثله وشبهه. قال أبو زيد : الآلهة التي جعلوها معه.
وقال الزجّاج : أي لا تجعلوا لله أمثالاً ونُظَراء.
ومنه قوله عزوجل : (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُماتِ
__________________
(١) البقرة : ٢٢.
(٢) البقرة : ٢٢.