وانظر وتأمّل كلامه الأوّل ، وهو أنّ القول قد يكون كفراً ، ولكنّ القائل أو الفاعل لا يكفّر ، لاحتمال أمورٍ ، منها : عدم بلوغ العلم على الوجه الذي يكفّر به ، إمّا لم يبلغه ، وإمّا بلغه ولكن ما فهمه ، أو فهمه ولكن قام عنده معارضٌ أوجب تأويله ، إلى غير ذلك ممّا ذكره.
[الفرقة الوهابيّة تخالف ذلك]
فيا عباد الله ، تنبّهوا وارجعوا إلى الحقّ ، وامشوا حيث مشى السلف الصالح ، وقِفوا حيث وقفوا ، ولا يستفزّكم الشيطان ، ويزيّن لكم تكفير أهل الإسلام ، وتجعلون ميزان كفر الناس مخالفتكم ، وميزان الإسلام موافقتكم.
فإنّا لله وإنّا إليه راجعون ، آمنّا بالله وبما جاء عن الله على مراد الله وعلى مراد رسوله ، أنقذنا الله وإيّاكم من متابعة الأهواء.
[كلام ابن القيّم في عدم تكفير المسلم]
قال ابن القيّم رحمهالله تعالى (١) ـ لمّا ذكر أنواع الكفر ـ : وكفر الجحود نوعان : كفرٌ مطلق عامّ ، وكفر مقيّد خاصّ.
فالمطلق : أن يجحد جملةَ ما أنزل الله ، ورسالة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم.
والخاصّ المقيّد : أن يجحد فرضاً من فروض الإسلام ، أو محرّماً من محرّماته ، أو صفةً وصف الله بها نفسه ، أو خبراً أخبر الله به محمداً صلىاللهعليهوآلهوسلم ، أو تقديماً لقول من خالفه عالماً عمداً ، لغرض من الأغراض.
__________________
(١) مدارج السالكين : ١ / ٣٤٧.