وجعل اقتفاء أثر هذه الأمّة واجباً على كلّ أحدٍ بقوله تعالى : (وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ ما تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَساءَتْ مَصِيراً) (١).
وجعل إجماعهم حُجّةً قاطعةً لا يجوز لأحدٍ الخروج عنه ، ودلائل ما ذكرنا معلومة عند كلّ من له نوع ممارسةٍ في العلم.
اعلم : أنّ ما جاء به محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم أنَّ الجاهل لا يستبدّ برأيه ، بل يجب عليه أن يسأل أهل العلم ، كما قال تعالى : (فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) (٢) * ، وقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : هلّا إذا لم يعلموا سألوا ، فإنّما دواء العيّ السؤال (٣). وهذا إجماع.
[إجماع الامّة على شرائط الاجتهاد]
قال في غاية السئول : قال الإمام أبو بكرٍ الهرويّ : أجمعت العلماء قاطبةً على أنّه لا يجوز لأحدٍ أن يكون إماماً في الدين والمذهب المستقيم حتّى يكون جامعاً هذه الخصال ، وهي :
أن يكون حافظاً للغات العرب واختلافها ، ومعاني أشعارها وأصنافها.
واختلاف العلماء والفقهاء.
ويكون عالماً فقيهاً ، وحافظاً للإعراب وأنواعه والاختلاف.
عالماً بكتاب الله ، حافظاً له ، ولاختلاف قراءته ، واختلاف القرّاء فيها ، عالماً بتفسيره ، ومحكمه ومتشابهه ، وناسخه ومنسوخه ، وقصصه.
__________________
(١) النساء : ١١٥.
(٢) الأنبياء : ٧.
(٣) سنن أبي داود : ١ / ٩٣ ح ٣٣٦ كتاب الطهارة. والنص هكذا : ... ألا سألوا ، إذْ لم يعلموا ، فإنّما شفاء العيّ السؤال.