الحقوق ، أعلمَهم أنّ جميع أحكامه على ما يُظهرون ، والله يدين بالسرائر.
فمن حكم على الناس بخلاف ما ظهر عليهم ـ استدلالاً على ما أظهروا خلافَ ما أبطنوا بدلالةٍ منهم ، أو غير دلالةٍ ـ لم يسلم عندي من خلاف التنزيل والسنّة.
إلى أن قال : ومَن أظهر كلمة الإسلام ، بأن شهد «أن لا إله إلّا الله ، وأنّ محمداً رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم» قُبل ذلك منه ، ولم يُسأل عن كشف حاله ، أو عن باطنه ، وعن معنى ما لفَظَ به ، وباطنه وسريرته إلى الله ، لا إلى غيره من نبيٍّ أو غيره.
فهذا حكم الله ودينه الذي أجمع عليه علماء الأمّة ، انتهى كلام الشافعيّ رحمهالله.
قال ابن القيّم ـ بعد ما حكى كلام الشافعيّ ـ : وهذه الأحكام جاريةٌ منه صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ثمّ هي التي مشى عليها الصحابة والتابعون لهم بإحسانٍ ، والأئمة ، وسائر المتّبعين له من علماء أمّته إلى يوم القيامة ، انتهى.
فصل
[شروط المجتهد الذي يجوز تقليده في علوم الدين]
قد تقدّم لك من كلام أهل العلم وإجماعهم أنّه لا يجوز أن يقلَّد ويؤتمَّ به في الدين إلّا من جَمَع شروط الاجتهاد إجماعاً.
وتقدّم أن من لم يجمع شروط الاجتهاد أنّه يجب عليه التقليد ، وأنّ هذا لا خلاف فيه :
وتقدّم أيضاً إجماع أهل السُنّة : أنّ من كان مقرّاً بما جاء به الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ملتزماً له ، أنّه ـ وإن كان فيه خصلةٌ من الكفر الأكبر ، أو الشرك ـ أن لا يكفّر حتّى تقام عليه الحجّة التي يكفّر تاركها ، وأنّ الحجّة لا تقوم إلّا بالإجماع القطعيّ لا الظنّيّ ، وأنّ الذي يقيم الحجّة الإمام ، أو نائبه ، وأنّ الكفر لا يكون إلّا بإنكار