ومع هذا أصرّوا على باطلهم ودَعَوا إليه ، وفارقوا الجماعة.
فبدّعهم العلماء ، وصاحوا بهم ، ولكن ما كفّروهم ، ولا أجرَوا عليهم أحكام أهل الردّة ، بل أجرَوا عليهم ـ هم وأهل البدع قبلهم ـ أحكام الإسلام من التوارث ، والتناكح ، والصلاة عليهم ، ودفْنهم في مقابر المسلمين.
ولم يقولوا لهم أهل العلم من أهل السُنّة : قامت عليكم الحجّة ، حيث بيّنّا لكم ، لأنّا لا نقول إلّا حقّاً ، فحيث خالفتمونا كفرتم ، وحلّ مالكم ودمائكم ، وصارت بلادكم بلاد حرب.
كما هو الآن مذهبكم.
أفلا يكون لكم في هؤلاء الأئمّة عبرة؟ فترتدعون عن الباطل؟! وتفيئون إلى الحقّ!
فصل
[المرجئة وأقوالهم]
ثمّ خرج بعد هؤلاء ، المرجئة الذين يقولون : الإيمان قولٌ بلا عملٍ.
فمن أقرّ عندهم بالشهادتين فهو مؤمنٌ كامل الإيمان ، وإن لم يصلّ لله ركعةً طول عمره ، ولا صام يوماً من رمضان ، ولا أدّى زكاة ماله ، ولا عمل شيئاً من أعمال الخير ، بل من أقرّ بالشهادتين فهو عندهم مؤمن ، كامل الإيمان ، إيمانه كإيمان جبريل ، وميكائيل ، والأنبياء.
إلى غير ذلك من أقوالهم القبيحة التي ابتدعوها في الإسلام.
ومع أنّه صاح بهم أئمّة أهل الإسلام ، وبدّعوهم ، وضلّلوهم ، وبيّنوا لهم الحقّ من الكتاب والسنّة وإجماع أهل العلم من أهل السُنّة من الصحابة فمن بعدهم.