هَيْهاتَ كما بُنِيَتْ رُبَّتَ فاذا كَسَرت جعَلْتها جمعا فهى بمنزلة قولِ العرَب استَاْصَل اللهُ عِرْقاتَهم وعِرْقاتِهم وانما كُسِر فى الجمْع لأن بِنَاءَ الفتْح فى الجمع كَسْر تقول مررت بالهِنْداتِ ورأيت الهنْداتِ ويقال هَيْهاتَ ما قُلْتَ فمن قال هَيْهات ما قلْتَ فمعناه البُعْدُ قولُكَ ومن قال هَيْهاتَ لِمَا قُلْت فمعناه البُعْد لقولِك فأمَّا مَن نَوَّنَ هيهات فجعَلها نَكِرةً فمعناه بُغْدٌ لما تُوعَدون انتهى كلام أبى اسحق* قال الفارسى* أقول إن قولَه فى هَيْهَات إنَّ موضعَه رَفْع واجراءه ايَّاه مُجْرَى البُعْد فى أن موضِعَه رَفْع كما أن البُعْدَ رَفْعٌ من قولك البُعْدُ لزيد خَطَأَ وذلك أنَّ هيْهاتَ اسمٌ سمِّى به الفِعْل فهو اسم لبَعُد كما أن شَتَّانَ كذلك ولو كان هَيهاتَ موضِعُه رَفْع لوجب أن يكون شَتَّانَ أيضا مَرْفُوعا وكان أوْلَى بذلك من هيْهاتَ لأنه مأخوذٌ من التَّشْتِيت والشَّتُّ تَفْرِيق وبُعْد وهَيْهاتَ أشبَهُ بالأصواتِ نحوصَهْ ومَهْ وما لا حَظَّ له فى الاعراب فاذا لم يكُنْ شَتَّانَ مُرْتَفِعا كان ارتِفَاع هَيْهاتَ أبْعَدَ لما أعلمتك وكما لا يجُوز أن يُحْكَم لشَتَّانَ بموضِع من الاعرابِ كما لا موضِعَ لِقامَ من قولنا قامَ زيدٌ وما أشبهه كذلك لا يَجُوز أن يحكم لهَيْهاتَ بأنَّ موضعَه رَفْع ولو جاز أن يكون موضعُه رَفْعا لدِلالته على البُعْد لكان شَتَّانَ أيضا مُرْتفِعا لدِلالته على ذلك فليس للاسْمِ الذى يُسَمَّى به الفِعْل موضعٌ من الاعراب كما لم يكُنْ للفِعْل الذى جُعِل اسمًا له موضع لوُقُوعه أولا فى غيرِ موضع المُفْرَد فلا موضع مرفُوعٌ لهيهاتَ لما أعلمتك كما لم يكُن لشَتَّانَ الا أنَّ هيهاتَ تُخَالِف شَتَّان من جهةٍ وإن وافَقَتها من أُخْرَى وهو أنّ هيهاتَ ظَرْف سُمِّى به الفِعْل فهو مُنْتَصِب بالظَّرْف كما أن عِندك اسمٌ سُمِّى به احْذَرْ ومَكانَك اسمٌ سمِّى به اثْبُتْ ولا تَبْرَحْ بتأخُّر وان كانا مُنْتَصِبَينِ على الظَّرْف فكذلك هَيْهاتَ فهذه جِهةُ الخِلَافِ ولو تَأوَّل فيه مُتَأوِّلٌ أنه غَيْرُ ظَرْف كما أنَّ شَتَّان غيْرُ ظرف وانما هو اسمٌ لبَعُدَ لم يمتَنعْ وقد قال أبُو العَبَّاس فيها ما أعلمتك وحكاه سيبويه فى باب الظُّرُوف التى لم تَتَمَّكن وأمّا جهةُ الوِفاق فهى أن هيْهاتَ اسمٌ سُمّى به الفِعْل فى الخَبَر وغَيرِ الأَمْر كما أن شَتَّانَ اسمٌ سمِّى به الفِعْل فى الخَبَر وغير الأمْرِ فاذا ثبَت أنه اسمٌ سمِّى به الفِعْل كشَتَّانَ لم يَجُزْ أن يَخْلُوَ من فاعِلٍ ظاهِرٍ أو مُضْمَر كما أن الفِعْل لا يَخْلُو من ذلك وكما أن سائرَ ما سُمِّى به الأفْعالُ فى غيْر الخَبَرِ على هذا ألَا تَرَى أنَّا نقُول شَتَّانَ زيدٌ وعَمْرو