فيرتَفِع الاسمُ كما يرتَفِع بَبُعدَ ويرتَفِع الضميرُ فى رُوَيْدَ وعَلَيْك ونحوه كما يرتَفِع فى أرْوِدْ والزَمْ فيُحْمَل عليه ما يُؤَكِّده مرفُوعا كما يُحمَلُ على الضميرِ فى الفِعْل الصرِيحِ ولو لا أن شَتَّان وهَيْهاتَ كبَعُدَ فى قولك شَتَّانَ زيدٌ وهَيْهاتَ العَقِيقُ لما تَمَّ به الكلامُ وبالاسم فلَمَّا تمَّ الكلامُ به علمنا أنه بمنْزِلة الفِعْل أو بمنزِلة المُبتدا فلا يجوز أن يكونَ بمنْزلة المبتَدإ لأن المبتَدَأ هو الخَبرُ فى المعنَى أو يكونُ له فيه ذِكْر وليس هَيهاتَ بالعَقِيق ولا شَتَّانَ بزيْدٍ فان قلتَ فما تُنْكر أن تَكُون هيهاتَ زيدٌ بمنزلة البُعْد زيدٌ فتجَعَله البُعْدَ اذا أردتَ المُبالَغةَ كما تقول زيْدٌ سَيْر فالجوابُ أنه لو كان مِثْلَ ذلك لوجَبَ أن يكون مُعْرَبا غيْرَ مبنِىٍّ اذ السَّيْرُ وما أشبهَهُ من المَصَادِر أسماءٌ والاسماءُ لا تُسَمَّى بأسماءٍ مَبْنِيَّة كما تُسمَّى بها الافعالُ فلمَّا وَجدْنا هيهاتَ مبنِيًّا علمنا أنه اسمٌ سمِّى به الفِعلُ لكونه مبْنيًّا ولو كان اسمًا للمصْدَر لَمَا وجَب بِناؤُوه لأنَّ المعنَى الواحِدَ قد يسمَّى بعِدَّة أسماءٍ ويكونُ ذلك كلُّه مُعْرَبا فثَبت ببِناءِ شَتَّانَ وهَيهاتَ أنهما اسمانِ سمِّى بهما الأفعالُ فان الاسمَ بعدهما مرتفِعٌ بهما وأيضا فانك تَقُول هيهاتَ المَنازِلُ وهَيْهاتَ الدِّيارُ وشَتَّانَ زيدٌ وعَمْرو وبَكْر لو كان هَيْهاتَ مبتدَاً لوجَب أن يُجْمَع اذ لا يكون المبتَدأُ واحِدًا والخبَرُ جمعا وأظُنُّ أن الذى حَمَل أبا اسحق على أنْ قال إن هَيْهاتَ معناه البُعْد وموضعُه رَفْع كما أنك لو قلتَ البُعْد لزيد كانَ البُعْدُ رَفْعا أنه لَمَّا لم يَرَ فى قوله (هَيْهاتَ هَيْهاتَ لِما تُوعَدُونَ) فاعلا ظاهرًا حمله على أن موضِعَه كالبُعْد والقول فى هذا أنّ فى هَيْهاتَ ضَمِيرا مرتَفِعا وذلك الضميرُ عائِد الى قوله (أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ) الذى هو بمعنى الاخْراج كأنَّهم لَمَّا قالوا مستَبْعدِين للوَعْد بالبَعْث ومُنْكِرين له (أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُراباً وَعِظاماً أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ) فكان قوله (أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ) بمعنى الاخراج صار فى هَيْهات ضميرٌ له والمعنى هَيْهاتَ إخْراجُكم للوَعْد أى بَعُدَ إخراجُكم للوَعْد اذ كان الوَعْدُ اخراجَكُم بعد مَوْتِكُم ونُشُورَكم بعد اضْمِحْلالِكم فاستَبْعدَ أعداءُ اللهِ إخْراجَهم ونشرَهم لمَّا كانت العِدَةُ به بعْدَ الموت إغْفالاً منهم للتدَبُّر وإهمالاً للتَّفَكُّر فى قوله جلَّ وعزَّ (قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ) وفى قوله (وَضَرَبَ لَنا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ) ونحوِ هذا من الْأى* قال* وقوله فأما من نون هَيْهاتٍ فجَعَلها نَكِرة فيكون المعنى بُعْدٌ لِمَا قلتم ففيه اختِلاف قيل إنه اذا نُوِّن كان نَكِرةً ووجْهُ هذا