التذكير فيقْلَب* وقال* فيما أحسب هو قول العرب ويونُس ويقوّى ما ذهَب اليه أنّ الفاءَ واللام قد جاءتَا همزتينِ فى قولهم أجَأُ وان لم يَجبِيئا حيثُ يكثرُ التضعيفُ لما كان يلزَم من القلب ومما يقوِى ما ذهب اليه أن الزائد لما فَصَل وتراخَى ما بين الهمزتين بالزيادة أشبَه التضعيفَ فصار كطَأْطأ وتَأْتأ ولَأْلأ ولم يكن مثلَ ما تقاربتِ الهمزتانِ فيه ألا تَرى أن الواو لم يجئْ فى نحو سَلِس وقَلِق الا فى هذا الحرف الذى يَجرِى مَجرَى الصوت لتقاربهما فلما وقَع الفصلُ بينهما نحو الوَعْوعة والوَزْوَزَة والوَكْواكِ وقَوْقَيْت والدَّوْداة والشَّوْشاة والمَوْماة والقولُ فى الأَلَاء ونحوه كالقول فى الأشاء وجمل عَيَاءٌ ـ لا يَضْرِب ولا يقال ذلك فى الناس الا على الاستِعارة ويقال داءٌ عَيَاءٌ ـ أى لا دَواءَ له والعَطَاء ـ الاسمُ من أعطَيْت وفى التنزيل (وَما كانَ عَطاءُ رَبِّكَ مَحْظُوراً) وألفِه منقلبة عن واو لأنه من العَطْو ـ أى التَّناوُل اسمٌ وليس بمصدر فأما قوله
أكُفْرا بعْدَ رَدِّ الموتِ عَنِّى |
|
وبَعْدَ عطائِكَ المِائةَ الرِّتاعَا |
فعلى أنه وضَعَ الاسمَ موضِعَ المصدر كما قال
* باكَرْتُ حاجَتَها الدَّجاجَ بسُحْرةٍ*
أراد إلَى ووضَع الحاجة موضع الاحْتياج وهذا كقول بعضهم عَجِبت من دُهْن زيدٍ لِحْيتَه وله نظائرُ كثيرةٌ والعَطَاء أيضا ـ المُعْطَى وعَطاءٌ ـ اسمُ رجل فأما قول البَعِيث يُخاطِب جَرِير بنَ عطِيةَ بنِ الخَطَفَى
أبوك عطاءٌ الأمُ الناسِ كُلِّهمْ |
|
فقُبِّح من فَحْلٍ وقُبِّحْتَ من نَجْلِ |
فانه لمَّا كانت العطِية هى العَطَاء فى المعنى واحتاجَ وضَع عطاءٌ موضع عَطِيَّة وهم مما يحرِّفون الاسم فى هذا الموضِع كثيرا اذا احتاجُوا كقول دُرَيد بن الصِّمَّة
أخُنَاسُ قد هامَ الفُؤادُ بِكُمْ |
|
واعْتادَه داءٌ من الحُبِ |
وانما هى خَنْساءُ بنتُ عَمْرو بنِ الشَّرِيد والعَبَاء جمع عَباءةٍ وعَبَاية ـ وهى الكِساءُ والعَبَاء ـ الأحمقُ ورجلُ عَباءٌ ـ ثقيلٌ وَخْم والعَسَاء ـ الشِدَّة مصدر عَسَا العُودُ يَعْسُو عَسَاءً وعُسُوًّا ـ اشتَدَّ وصَلُب والعَزَاء ـ الصبْرُ* قال ابن جنى* لام العَزاء يحتمل أمرين الواوَ والياءَ والواوُ أغلبُ حكى أبو زيد فى فِعْلة منها عِزْوة