الجمعِ واحدٌ أم لا واحِدَ له* وأما فَعْلاء التى تكون صفةً فنحوُ سَوْداءَ وصَفْراءَ وزَرْقاءَ وما كان من ذلك مذكَّرُه أفعلُ نحو أبْيضَ وأسودَ وأزْرقَ وكلُّ فَعْلاءَ من هذا الضَّرْب فمذَكَّره أفْعَلُ فى الأمر العامِّ وقد جاء فَعْلاءُ صفةً ولم يستعْمَل فى مذكَّره أفْعَلُ إمَّا لامتناع معناها فى الخِلْقة وإما لرفْضِهم استعمالَه فالممتنع نحو امرأةٌ عَفْلاءُ ولا يكون للمذكَّر وقالوا امرأة حَسْناءُ ودِيمةٌ هَطْلاءُ ولم نعلمهم قالوا مطر أهْطَلُ وقالوا حُلَّة شَوْكاءُ* قال الأصمعى* لا أدْرِى ما يُعْنَى به* وقال أبو عبيدة* يُراد به خُشونَةُ الجِدّة ويدلُّ على صحة ذلك ما ذكره أبو عبيد أنهم سَمَّوُا الخَلَق جَرْدا قال الشاعر
* هَبِلَتْكَ أمُّكَ أىَّ جَرْد تَرْقَع*
وسَمَّوه الخَلَق وقالوا للأمْلَس أخْلَق وقالوا للصَّخْرة المَلْساء خَلْقاء فاذا كان الاخْلاق مَلَاسة فالجِدَّة خِلافُها* وقال أبو زيد* هى الدَّاهِية الدَّهْياءُ وداهِيَةٌ دَهْواءُ وهى باقِعةٌ من البَوَاقِع وهما سواءٌ وقالوا امرأةٌ عَجْزاءُ وقالوا العَرَب العَرْباءُ والعَرَب العارِبةُ ولم يجئْ لشئ من ذلك أفعَلُ وكأنهم شَبَّهوا الدَّهْياء بالصَّحْراء فقلَبُوا لامها كما قَلبُوها فى العَلْياء حيثُ لم يُسْتَعْمَل له أفْعَلُ وقالوا أجْدَلُ وأخْيَلُ وأفْعَى فلم يَصْرِفْ ذلك كلَّه قومٌ لا فى المعرِفة ولا فى النَّكِرة كما لم يصرِفُوا أحْمَر ولم يجئ لشئٍ من ذلك فَعْلاءُ قال الشاعر
* فما طائِرِى فيها عليكِ بأخْيَلا*
وربما استعملوا بعضَ هذه الصِّفات استعمالَ الأَسماء نحو أبْطحٍ وأبْرقٍ وأجْرَعٍ وكسَّروه تكسيرَ الأسماء فقالوا أجارِعُ وأبَاطِحُ وكذلك كان قياس فَعْلاءَ وقالوا بَطْحاءُ وبِطَاح وبَرْقاء وبِرَاق فجمعوا المؤنث على فِعَال كما قالوا عَبْلة وعِبَال فشَبَّهُوا الألفَ بالهاء كما شَبَّهُوا الكُبْرَى والكُبَر والعُلْيا والعُلَى بظُلْمة وظُلَم وغُرْفة وغُرَف ولم يجعلوها كصَحارَى* وأما أجمَعُ وجَمْعاءُ فليس من هذا الباب ومن جعله منه فقد أخْطأ يدلك على ذلك جمعهم للمذكر منه بالواو والنون وفى التنزيل (فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ) ولم يُكَسِّروا المؤنَّث تكسيرَ مؤَنَّث الصِّفة كما لم يكسِّرُوا المذكَّر ذلك التكسيرَ ولو جمعوا المؤنَّث بالألف والتاءِ كما جمَعُوا المذكَّر بالواو والنون لكان قياسا ولكنهم عدَلُوا