قال عمر بن الخطاب : لو كان الله سبحانه تاركا لابن آدم شيئا ، لترك ما عفت عليه الرياح من أثر.
وقال مسروق : ما خطا رجل خطوة إلا كتبت له حسنة أو سيئة. والمقصود أن قوله (وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْناهُ فِي إِمامٍ مُبِينٍ (١٢)) [يس] وهو اللوح المحفوظ ، وهو أم الكتاب ، وهو الذّكر الذي كتب فيه كل شيء ، يتضمن كتابة أعمال العباد قبل أن يعملوها. والإحصاء في الكتاب يتضمن علمه بها ، وحفظه لها ، والإحاطة بعددها ، وإثباتها فيه.
وقال تعالى : (وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا طائِرٍ يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثالُكُمْ ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ (٣٨)) [الأنعام].
وقد اختلف في الكتاب هاهنا ، هل هو القرآن أو اللوح المحفوظ؟ على قولين : فقالت طائفة : المراد به القرآن ، وهذا من العام المراد به الخاص ، أي : ما فرّطنا فيه من شيء يحتاجون إلى ذكره ، وبيانه ، كقوله : (وَنَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ (٨٩)) [النحل] ويجوز أن يكون من العام المراد به عمومه ، والمراد : أنّ كل شيء ذكر فيه مجملا ومفصّلا ، كما قال ابن مسعود ، وقد لعن الواصلة والمستوصلة : ما لي لا ألعن من لعنه الله في كتابه؟! فقالت امرأة : لقد قرأت القرآن فما وجدته ، فقال : إن كنت قرأتيه فقد وجدته ، قال تعالى : (وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا (٧)) [الحشر].
ولعن رسول الله صلىاللهعليهوسلم الواصلة والمستوصلة (١).
__________________
(١) رواه البخاري (٥٩٣٤) ، ومسلم (٢١٢٣) عن عائشة. وفي الباب عن أسماء وأبي هريرة وابن عمر.