قال ابن عباس : منعهم من الهدى لما سبق في علمه ، والسد الذي جعل من بين أيديهم ومن خلفهم هو الذي سد عليهم طريق الهدى ، فأخبر سبحانه عن الموانع التي منعهم بها من الإيمان عقوبة لهم ، ومثّلها بأحسن تمثيل وأبلغه ، وذلك حال قوم قد وضعت الأغلال العريضة الواصلة إلى الأذقان في أعناقهم ، وضمّت أيديهم إليها ، وجعلوا بين السدين ، لا يستطيعون النفوذ من بينهما ، وأغشيت أبصارهم ، فهم لا يرون شيئا. وإذا تأملت حال الكافر الذي عرف الحق وتبين له ، ثم جحده وكفر به وعاداه أعظم معاداة ، وجدت هذا المثل مطابقا له أتم مطابقة ، وأنه قد حيل بينه وبين الإيمان كما حيل بين هذا وبين التصرف. والله المستعان.
فصل
وأما القفل فقال تعالى : (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها (٢٤)) [محمد].
قال ابن عباس : يريد على قلوب هؤلاء أقفال.
وقال مقاتل : يعني الطبع على القلب ، وكأن القلب بمنزلة الباب المرتج الذي قد ضرب عليه قفل ، فإنه ما لم يفتح القفل لا يمكن فتح الباب والوصول إلى ما وراءه ، وكذلك ما لم يرفع الختم والقفل عن القلب ، لم يدخل الإيمان والقرآن.
وتأمل تنكير القلب وتعريف الأقفال ، فإنّ تنكير القلوب يتضمن إرادة قلوب هؤلاء وقلوب من هم بهذه الصفة ، ولو قال : أم على القلوب أقفالها ،