لم تدخل قلوب غيرهم في الجملة ، وفي قوله : أقفالها ، بالتعريف ، نوع تأكيد ، فإنه لو قال : أقفال ، لذهب الوهم إلى ما يعرف بهذا الاسم ، فلما أضافها إلى القلوب ، علم أن المراد بها ما هو للقلب بمنزلة القفل للباب ، فكأنه أراد أقفالها المختصة بها التي لا تكون لغيرها. والله أعلم.
فصل
وأما الصمم والوقر ففي قوله تعالى : (صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ (١٨)) [البقرة] وقوله : (أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمى أَبْصارَهُمْ (٢٣)) [محمد] وقوله : (وَلَقَدْ ذَرَأْنا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِها وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِها وَلَهُمْ آذانٌ لا يَسْمَعُونَ بِها أُولئِكَ كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولئِكَ هُمُ الْغافِلُونَ (١٧٩)) [الأعراف] وقوله : (وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ فِي آذانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولئِكَ يُنادَوْنَ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ (٤٤)) [فصلت].
قال ابن عباس : في آذانهم صمم عن استماع القرآن ، وهو عليهم عمى ، أعمى الله قلوبهم ، فلا يفقهون ، أولئك ينادون من مكان بعيد مثل البهيمة التي لا تفهم إلا دعاء ونداء. وقال مجاهد : بعيد من قلوبهم. وقال الفراء : تقول للرجل الذي لا يفهم ، كذلك أنت تنادى من مكان بعيد ، قال : وجاء في التفسير : كأنما ينادون من السماء ، فلا يسمعون. انتهى ، والمعنى أنهم لا يسمعون ، ولا يفهمون ، كما أن من دعي من مكان بعيد لم يسمع ولم يفهم.