كان من باب إضافة الشيء إلى دليله ، فعدم السبب دليل على عدم المسبّب ، وإذا سمي موجبا ومقتضيا بهذا الاعتبار ، فلا مشاحة في ذلك ، وأما أن يكون العدم أثرا ومؤثرا فلا ، وهذا الإغفال ترتب عليه اتباع هواه وتفريطه في أمره.
قال مجاهد : كان أمره فرطا : أي : ضياعا. وقال قتادة : أضاع أكبر الضيعة. وقال السدي : هلاكا. وقال أبو الهيثم : أمر فرط أي : متهاون به مضيّع ، والتفريط تقديم العجز. قال أبو إسحاق : من قدم العجز في أمر أضاعه وأهلكه. قال الليث : الفرط : الأمر الذي يفرط فيه ، يقول : كل أمر فلان فرط. قال الفراء : فرطا متروكا يفرط فيما لا ينبغي التفريط فيه ، واتبع ما لا ينبغي اتباعه ، وغفل عما لا يحسن الغفلة عنه.
فصل
وأما المرض فقال تعالى : (فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَهُمُ اللهُ مَرَضاً (١٠)) [البقرة] وقال : (فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ (٣٢)) [الأحزاب] وقال : (وَلا يَرْتابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ وَالْمُؤْمِنُونَ وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْكافِرُونَ ما ذا أَرادَ اللهُ بِهذا مَثَلاً (٣١)) [المدثر].
ومرض القلب خروج عن صحته واعتداله ، فإن صحته أن يكون عارفا بالحق محبا له مؤثرا له على غيره ، فمرضه إما بالشك فيه ، وإما بإيثار غيره عليه ، فمرض المنافقين مرض شكّ وريب ، ومرض العصاة مرض غيّ وشهوة ، وقد سمى الله سبحانه كلا منهما مرضا.