قال ابن الأنباري : أصل المرض في اللغة الفساد ، مرض فلان ، فسد جسمه ، وتغيرت حاله ، ومرضت بالمرض ، تغيرت وفسدت. قالت ليلى الأخيلية :
إذا هبط الحجّاج أرضا مريضة |
|
تتبّع أقصى دائها فشفاها |
وقال آخر :
ألم تر أنّ الأرض أضحت مريضة |
|
لفقد الحسين والبلاد اقشعرّت |
والمرض يدور على أربعة أشياء : فساد ، وضعف ، ونقصان ، وظلمة ، ومنه : مرض الرجل في الأمر إذا ضعف فيه ، ولم يبالغ. وعين مريضة النظر ، أي : فاترة ضعيفة. وريح مريضة إذا هبّ هبوبها كما قال :
راحت لأربعك الرياح مريضة
أي : ليّنة ضعيفة حتى لا يعفى أثرها ، وقال ابن الأعرابي : أصل المرض النقصان ، ومنه : بدن مريض أي : ناقص القوة ، وقلب مريض : ناقص الدين. ومرض في حاجتي ، إذا نقصت حركته.
وقال الأزهري عن المنذري عن بعض أصحابه : المرض إظلام الطبيعة واضطرابها بعد صفائها. قال : والمرض الظلمة ، وأنشد :
وليلة مرضت من كلّ ناحية |
|
فما يضيء لها شمس ولا قمر |
هذا أصله في اللغة ، ثم الشك والجهل والحيرة والضلال. وإرادة الغي وشهوة الفجور ، في القلب ، تعود إلى هذه الأمور الأربعة ، فيتعاطى العبد أسباب المرض حتى يمرض ، فيعاقبه الله بزيادة المرض لإيثاره أسبابه ، وتعاطيه لها.