فصل
وأما جعله القلب قاسيا فقال تعالى : (فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنا قُلُوبَهُمْ قاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ (١٣)) [المائدة].
والقسوة : الشدة والصلابة في كل شيء ، يقال : حجر قاس ، وأرض قاسية : لا تنبت شيئا. قال ابن عباس : قاسية عن الإيمان. وقال الحسن : طبع عليها.
والقلوب ثلاثة : قلب قاس ، وهو اليابس الصلب الذي لا يقبل صورة الحق ، ولا تنطبع فيه ، وضده القلب الليّن المتماسك ، وهو السليم من المرض الذي يقبل صورة الحق بلينه ، ويحفظه بتماسكه ، بخلاف المريض الذي لا يحفظ ما ينطبع فيه ، لميعانه ، ورخاوته ، كالمائع الذي إذا طبعت فيه الشيء ، قبل صورته بما فيه من اللين ، ولكن رخاوته تمنعه من حفظها. فخير القلوب القلب الصلب الصافي اللين ، فهو يرى الحق بصفائه ، ويقبله بلينه ، ويحفظه بصلابته.
وفي المسند وغيره عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم : «القلوب آنية الله في أرضه ، فأحبّها إليه أصلبها وأرقها وأصفاها» (١).
وقد ذكر سبحانه أنواع القلوب في قوله : (لِيَجْعَلَ ما يُلْقِي الشَّيْطانُ فِتْنَةً
__________________
(١) لم أجده في المسند والذي فيه حديث آخر : «القلوب أوعية وبعضها أوعى من بعض ..» (٢ / ١٧٧) عن عبد الله بن عمرو ، وفيه ابن لهيعة : ضعيف ، والله أعلم.