وتضمنت كمال توحيده وربوبيته وقيّوميته وإلهيته ، وأن مصادر الأمور كلها عن محض إرادته ، ومردّها إلى كمال حكمته ، وأنّ المهدي من خصّه الله بهدايته وشرح صدره لدينه وشريعته ، وأن الضال من جعل صدره ضيّقا حرجا عن معرفته ومحبته ، كأنّما يتصاعد في السماء ، وليس ذلك في قدرته ، وأن ذلك عدل في عقوبته لمن لم يقدره حقّ قدرته ، وجحد كمال ربوبيته ، وكفر بنعمته ، وآثر عبادة الشيطان على عبوديته ، فسدّ عليه باب توفيقه وهدايته ، وفتح عليه أبواب غيّه وضلاله ، فضاق صدره ، وقسا قلبه ، وتعطلت من عبودية ربّها جوارحه ، وامتلأت بالظلمة جوانحه ؛ والذنب له حيث أعرض عن الإيمان ، واستبدل به الكفر والفسوق والعصيان ، ورضي بموالاة الشيطان ، وهانت عليه معاداة الرحمن ، فلا يحدّث نفسه بالرجوع إلى مولاه ، ولا يعزم يوما على إقلاعه عن هواه ، قد ضادّ الله في أمره ، بحبّ ما يبغضه وببغض ما يحبه ، ويوالي من يعاديه ، ويعادي من يواليه ، يغضب إذا رضي الرب ، ويرضى إذا غضب ، هذا وهو يتقلّب في إحسانه ويسكن في داره ، ويتغذى برزقه ، ويتقوّى على معاصيه بنعمه ، فمن أعدل منه سبحانه عما يصفه به الجاهلون والظالمون ، إذا جعل الوحي على أمثال هذا من الذين لا يؤمنون.
فصل
وإذا شرح الله صدر عبده بنوره الذي يقذفه في قلبه ، أراه في ضوء ذلك النور حقائق الأسماء والصفات التي تضل فيها معرفة العبد ، إذ لا يمكن أن يعرفها العبد على ما هي عليه في نفس الأمر ، وأراه في ضوء ذلك النور