الكاتب ، وهذا من أبطل الباطل.
الثامن : أن الله سبحانه قد فطر العباد على أن المجبور المكره على الفعل معذور ، لا يستحق الذمّ والعقوبة ويقولون : قد أكره على كذا ، وجبره السلطان عليه ، وكما أنهم مفطورون على هذا ، فهم مفطورون أيضا على ذم من فعل القبائح باختياره ، وشريعته سبحانه موافقة لفطرته في ذلك ، فمن سوّى بين الأمرين ، فقد خرج عن موجب الشرع والعقل والفطرة.
التاسع : أن من أمر غيره بمصلحة المأمور وما هو محتاج إليه ، ولا سعادة له ولا فلاح إلا به ، لا يقال : جبره على ذلك ، وإنما يقال : نصحه وأرشده ونفعه وهداه ، ونحو ذلك. وقد لا يختار المأمور المنهي ذلك ، فيجبره الناصح له على ذلك من له ولاية الإجبار ، وهذا جبر الحقّ ، وهو جائز ، بل واقع في شرع الرب وقدره وحكمته ورحمته وإحسانه ، لا نمنع هذا الجبر.
العاشر : أن الرب ليس كمثله شيء في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله ، فجعله العبد فاعلا لقدرته ومشيئته واختياره أمر يختصّ به تبارك وتعالى ، والمخلوق لا يقدر أن يجعل غيره فاعلا إلا بإكراهه له على ذلك ، فإن لم يكرهه ، لم يقدر على غير الدعاء والأمر بالفعل ، وذلك لا يصيّر العبد فاعلا فالمخلوق هو يجبر غيره على الفعل ، ويكرهه عليه ، فنسبة ذلك إلى الرب تشبيه له في أفعاله بالمخلوق الذي لا يجعل غيره فاعلا إلا بجبره له ، وإكراهه ، فكمال قدرته تعالى وكمال علمه وكمال علمه وكمال مشيئته وكمال عدله وإحسانه وكمال غناه وكمال ملكه وكمال حجته على عبده تنفي الجبر.