وفرقة قالت : إن قدرة العبد هي المؤثرة ، والله سبحانه غير قادر على مقدور ، وهذا قول المشايخية أتباع أبي علي وأبي هاشم ، وليس عند ابن الخطيب وجمهور المتكلمين غير هذه الأقوال التي لا تشفي عليلا ، ولا تروي غليلا ، وليس عند أربابها إلا مناقضة بعضهم بعضا.
وقد أجاب بعض أصحاب أبي الحسين عن هذا السؤال ، وإن كان يقول بمقدور بين قادرين ، فله أن يقول في هذا المقام : إن كان الدليل الذي ذكرته دليلا صحيحا على استحالة اجتماعهما على فعل واحد ، فإنما يدل على استحالته على فعلهما على سبيل الجمع ، ولا يستحيل على سبيل البذل كما يستحيل حصول جوهرين في مكان واحد ، ولا يستحيل حصولهما فيه على البدل ، وهذا جواب باطل قطعا ؛ فإن مضمونه أنّ أحدهما لا يقدر عليه إلا إذا تركه الآخر ، فحال تلبس العبد بالفعل بقدرته وإرادته ، إن كان مقدورا لله ، فهو القول بمقدور بين قادرين ، وإن لم يكن مقدورا له ، لزم إخراج بعض الممكنات عن قدرته.
فإن قلت : هو قادر عليه بشرط أن لا يقدر عليه العبد ، قيل لك : فهذا تصريح منك بأنه في حال قدرة العبد عليه ، لا يقدر عليه الربّ ، فلا ينفعك القول بأنه قادر عليه على البدل ، وأيضا فإن قدر عليه بشرط أن لا يقدر عليه العبد ، فإذا قدر العبد عليه ، انتفت قدرة الربّ لانتفاء شرطها ، وهذا مما صاح به عليكم أهل التوحيد من أقطار الأرض ، ورموكم به عن قوس واحدة ، وإنما صانعتم به أهل السنة مصانعة ، وإلا فحقيقة هذا القول أن العبد يقدر على ما لا يقدر عليه الرب ، وحكاية هذا الرأي الباطل كافية في فساده.
فإن قلت : كما لا يمتنع معلوم واحد بين عالمين ، ومراد واحد بين مريدين ، قيل : هذا من أفسد القياس ، لأنّ المعلوم لا يتأثر بالعالم ، والمراد